تنبيه: ليس من الحوائج الأصلية ما جرت به العادة المحدثة برسم الهدية للأقارب والأصحاب، فلا يعذر بترك الحج لعجزه عن ذلك كما نبه عليه العمادي في منسكه، وأقره الشيخ إسماعيل وعزاه بعضهم إلى منسك المحقق ابن أمير حاج، وعزاه السيد أبو السعود إلى مناسك الكرماني. قوله: (ومنه المسكن) أي الذي يسكنه هو أو من يجب عليه مسكنه، بخلاف الفاضل عنه من مسكن أو عبد أو متاع أو كتب شرعية أو آلية كعربية، أو نحو الطب والنجوم وأمثالها من الكتب الرياضية فتثبت بها الاستطاعة وإن احتاج إليها كما في شرح اللباب عن التاترخانية. قوله: (فإنه لا يلزمه بيع الزائد) لأنه لا يعتبر في الحاجة قدر ما لا بد منه ولو كان عنده طعام سنة، ولو أكثر لزمه بيع الزائد إن كان فيه وفاء كما في اللباب وشرحه. قوله: (والاكتفاء) بالجر عطفا على بيع. قوله:
(لا يلزمه) تبع في عزو ذلك إلى الخلاصة ما في البحر والنهر، والذي رأيته في الخلاصة هكذا:
وإن لم يكن له مسكن ولا شئ من ذلك وعنده دراهم تبلغ به الحج وتبلغ ثمن مسكن وخادم وطعام وقوت وجب عليه الحج، وإن جعلها في غيره أثم اه. لكن هذا إذا كان وقت خروج أهل بلده كما صرح به في اللباب، أما قبله فيشتري به ما شاء لأنه قبل الوجوب كما في مسألة التزوج الآتية، وعليه يحمل كلام الشارح فتدبر. قوله: (يشترط بقاء رأس مال لحرفته) كتاجر ودهقان ومزارع كما في الخلاصة، ورأس المال يختلف باختلاف الناس. بحر.
قلت: والمراد ما يمكنه الاكتساب به قدر كفايته وكفاية عياله لا أكثر لأنه لا نهاية له. قوله:
(وفي الأشباه) المسألة منقولة عن أبي حنيفة في تقديم الحج على التزوج، والتفصيل المذكور ذكره صاحب الهداية في التجنيس، وذكرها في الهداية مطلقة، واستشهد بها على أن الحج على الفور عنده، ومقتضاه تقديم الحج على التزوج، وإن كان واجبا عند التوقان وهو صريح ما في العناية مع أنه حينئذ من الحوائج الأصلية، ولذا اعترضه ابن كمال باشا في شرحه على الهداية بأنه حال التوقان مقدم على الحج اتفاقا، لان في تركه أمرين: ترك الفرض، والوقوع في الزنا. وجواب أبي حنيفة في غير حال التوقان اه: أي في غير حال تحققه الزنا، لأنه لو تحققه فرض التزوج، أما لو خافه فالتزوج واجب لا فرض فيقدم الحج الفرض عليه فافهم. قوله: (وفضلا عن نفقة عياله) هذا داخل تحت ما لا بد منه، فهو من عطف الخاص على العام اهتماما بشأنه. نهر. والنفقة تشمل الطعام والكسوة والسكنى، ويعتبر في نفقته ونفقة عياله الوسط من غير تبذير ولا تقتير. بحر: أي الوسط من حاله المعهود، ولذا أعقبه من غير تبذير الخ لا ما بين نفقة الغني والفقير، فلا يرد ما في البحر من أن اعتبار الوسط في نفقة الزوجة خلاف المفتى به، والفتوى على اعتبار حالهما كما سيأتي إن شاء الله تعالى اه. لان المراد بالوسط هناك المعنى الثاني، والمراد هنا الأول، فافهم.