يكره الجلوس لغيره جمعا بين الآثار، وأنه قال: إن ذلك قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ثم نازعه بما صرح به في النوادر والتحفة والبدائع المحيط وغيره، من أن أبا حنيفة كره وطئ القبر والقعود أو النوم أو قضاء الحاجة عليه، وبأنه ثبت النهي عن وطئه والمشي عليه، وتمامه فيها. وقيد في نور الايضاح كراهة القعود على القبر بما إذا كان لغير قراءة.
قلت: وتقدم أنه إذا بلي الميت وصار ترابا يجوز زرعه والبناء عليه، ومقتضاه جواز المشي فوقه. ثم رأيت العيني في شرحه على صحيح البخاري ذكر كلام الطحاوي المار، ثم قال: فعلى هذا ما ذكره أصحابنا في كتبهم من أن وطئ القبور حرام، وكذا النوم عليها ليس كما ينبغي، فإن الطحاوي هو أعلم الناس بمذاهب العلماء، ولا سيما بمذهب أبي حنيفة انتهى.
قلت: لكن قد علمت أن الواقع في كلامهم التعبير بالكراهة لا بلفظ الحرمة، وحينئذ فقد يوفق بأن ما عزاه الامام الطحاوي إلى أئمتنا الثلاثة من حمل النهي على الجلوس لقضاء الحاجة يراد به في نهي التحريم، وما ذكره غيره من كراهة الوطئ والقعود الخ يراد به كراهة التنزيه في غير قضاء الحاجة. وغاية ما فيه إطلاق الكراهة على ما يشمل المعنيين، وهذا كثير في كلامهم، ومنه قولهم مكروهات الصلاة، وتنتفي الكراهة مطلقا إذا كان الجلوس للقراءة كما يأتي، والله سبحانه أعلم.
مطلب في وضع الجريد ونحو الآس على القبور تتمة: يكره أيضا قطع النبات الرطب والحشيش من المقبرة دون اليابس كما في البحر والدرر وشرح المنية، وعلله في الامداد بأنه ما دام رطبا يسبح الله تعالى فيؤنس الميت وتنزل بذكره الرحمة اه. ونحوه في الخانية.
أقول: ودليله ما ورد في الحديث من وضعه عليه الصلاة والسلام الجريدة الخضراء بعد شقها نصفين على القبرين اللذين يعذبان. وتعليله بالتخفيف عنهما ما لم يبيسا: أي يخفف عنهما ببركة تسبيحهما، إذ هو أكمل من تسبيح اليابس لما في الأخضر من نوع حياة، وعليه فكراهة قطع ذلك وإن نبت بنفسه ولم يملك لان فيه تفويت حق الميت. ويؤخذ من ذلك ومن الحديث ندب وضع ذلك للاتباع، ويقاس عليه ما اعتيد في زماننا من وضع أغصان الآس ونحوه، وصرح بذلك أيضا جماعة من الشافعية، وهذا أولى مما قاله بعض المالكية من أن التخفيف عن القبرين إنما حصل ببركة يده الشريفة (ص) أو دعائه لهما فلا يقاس عليه غيره. وقد ذكر البخاري في صحيحه أن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أوصى بأن يجعل في قبره جريدتان، والله تعالى أعلم. قوله: (لا يكره الدفن ليلا) والمستحب كونه نهارا. شرح المنية. قوله: (ولا إجلاس القارئين عند القبر) عبارة نور الايضاح وشرحه: ولا يكره الجلوس للقراءة على القبر في المختار لتأدية القراءة على الوجه المطلوب بالسكينة والتدبر والاتعاظ اه. قوله: (عظم الذمي محترم) فلا يكسر إذا وجد في قبره، لأنه كما حرم إيذاؤه في حياته لأنه مثلة وجبت صيانة نفسه عن الكسر بعد موته. خانية. وأما أهل الحرب، فإن احتيج إلى نبشهم فلا بأس به. تاترخانية عن الحجة، فتنبش وترفع العظام والآثار، وتتخذ مقبرة للمسلمين أو مسجدا كما في الواقعات. إسماعيل. قوله: (إنما يعذب الخ) قال بعضهم: يعذب لما