ولان وحشتهم بعد الدفن لفراقه أكثر، وهذا إذا لم ير منهم جزع شديد، وإلا قدمت لتسكينهم.
جوهرة. قوله: (وتكره بعدها) لأنها تجدد الحزن. منح. والظاهر أنها تنزيهية ط. قوله: (إلا لغائب) أي إلا أن يكون المعزي أو المعزى غائبا فلا بأس بها. جوهرة. قلت: والظاهر أن الحاضر الذي لم يعلم بمنزلة الغائب كما صرح به الشافعية. قوله: (وتكره التعزية ثانيا) في التاترخانية لا ينبغي لمن عزى مرة أن يعزي مرة أخرى رواه الحسن عن أبي حنيفة اه إمداد. قوله: (وعند القبر) عزاه في الحلية إلى المبتغى بالغين المعجمة، وقال: ويشهد له ما أخرج ابن شاهين عن إبراهيم: التعزية عند القبر بدعة اه. قلت: لعل وجهه أن المطلوب هناك القراءة والدعاء للميت بالتثبيت. قوله: (وعند باب الدار) في الظهيرية: ويكره الجلوس على باب الدار للتعزية لأنه عمل أهل الجاهلية وقد نهى عنه، وما يصنع في بلاد العجم من فرش البسط، والقيام على قوارع الطريق من أقبح القبائح اه بحر. قوله: ويقول أعظم الله أجرك) أي جعله عظيما بزيادة الثواب والدرجات، وأحسن عزاءكم بالمد: أي جعل سلوكك، وصبرك حسنا ابن حجر، وقوله: وغفر لميتك بقوله إن كان الميت مكلفا، وإلا فلا، كما في شرح المنية. وفي كتب الشافعية: ويعزى المسلم بالكافر: أعظم الله أجرك وصبرك، والكافر بالمسلم: غفر الله لميتك، وأحسن عزاءك.
مطلب في زيارة القبور قوله: (وبزيارة القبور) أي لا بأس بها، بل تندب كما في البحر عن المجتبى، فكان ينبغي التصريح به للامر بها في الحديث المذكور كما في الامداد، وتزار في كل أسبوع كما في مختارات النوازل. قال في شرح لباب المناسك: إلا أن الأفضل يوم الجمعة والسبت والاثنين والخميس، فقد قال محمد بن واسع: الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده، فتحصل أن يوم الجمعة أفضل اه. وفيه يستحب أن يزور شهداء جبل أحد، لما روى ابن أبي شيبة: أن النبي (ص) كان يأتي قبور الشهداء بأحد على رأس كل حول فيقول: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار والأفضل أن يكون ذلك يوم الخميس متطهرا مبكرا لئلا تفوته الظهر بالمسجد النبوي اه.
قلت: استفيد منه ندب الزيارة وإن بعد محلها. وهل تندب الرحلة لها كما اعتيد من الرحلة إلى زيارة خليل الرحمن وأهله وأولاده، وزيارة السيد البدوي وغيره من الأكابر الكرام؟ لم أر من صرح به من أئمتنا، ومنع منه بعض أئمة الشافعية إلا لزيارته (ص)، قياسا على منع الرحلة لغير المساجد الثلاث. ورده الغزالي بوضوح الفرق، فإن ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية في الفضل، فلا فائدة في الرحلة إليها. وأما الأولياء فإنهم متفاوتون في القرب من الله تعالى، ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم. قال ابن حجر في فتاويه: ولا تترك لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك، لان القربات لا تترك لمثل ذلك، بل على الانسان فعلها وإنكار البدع، بل وإزالتها إن أمكن اه. قلت: ويؤيد ما مر من عدم ترك اتباع الجنازة، وإن كان معها نساء ونائحات. تأمل. قوله: (ولو للنساء) وقيل تحرم عليهن. والأصح أن الرخصة ثابتة لهن. بحر.
وجزم في شرح المنية بالكراهة لما مر في اتباعهن الجنازة. وقال الخير الرملي: إن كان ذلك