اختاروا في الدعاء: اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته لفلان، وأما عندنا فالواصل إليه نفس الثواب.
وفي البحر: من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والاحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة، كذا في البدائع، ثم قال: وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا. والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره، لاطلاق كلامهم، وأنه لا فرق بين الفرض والنفل اه. وفي جامع الفتاوى:
وقيل لا يجوز في الفرائض اه.
وفي كتاب الروح للحافظ أبي عبد الله الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية ما حاصله:
أنه اختلف في إهداء الثواب إلى الحي، فقيل يصحح لاطلاق قول أحمد: يفصل الخير ويجعل نصفه لأبيه أو أمه، وقيل لا لكونه غير محتاج لأنه يمكنه العمل بنفسه. وكذا. اختلف في اشتراط نية ذلك عند الفعل، فقيل لا لكن الثواب له فله التبرع به وإهداؤه لمن أراد كإهداء شئ من ماله، وقيل نعم لأنه إذا وقع له لا يقبل انتقاله عنه وهو الأولى. وعلى القول الأول (1) لا يصح إهداء الواجبات، لان العامل ينوي القربة بها عن نفسه. وعلى الثاني يصح، وتجزى عن الفاعل. وقد نقل عن جماعة أنهم جعلوا ثواب أعمالهم للمسلمين وقالوا: نلقى الله تعالى بالفقر والافلاس، والشريعة لا تمنع من ذلك. ولا يشترط في الوصول أن يهديه بلفظه، كما لو أعطى فقيرا بنية الزكاة، لان السنة لم تشترط ذلك في حديث الحج عن الغير ونحوه، نعم إذا فعله لنفسه ثم نوى جعل ثوابه لغيره لم يكف، كما لو نوى أن يهب أو يعتق أو يتصدق، ويصح إهداء نصف الثواب أو ربعه كما نص عليه أحمد، ولا مانع منه. ويوضحه أنه لو أهدى الكل إلى أربعة يحصل لكل منهم ربعه، فكذا لو أهدى الربع لواحد وأبقى الباقي لنفسه اه ملخصا.
قلت: لكن سئل ابن حجر المكي عما لو قرأ لأهل المقبرة الفاتحة هل يقسم الثواب بينهم أو يصل لكل منهم مثل ثواب ذلك كاملا؟ فأجاب بأنه أفتى جمع بالثاني، وهو اللائق بسعة الفضل.
مطلب في إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم تتمة: ذكر ابن حجر في الفتاوى الفقهية أن الحافظ ابن تيمية زعم منع إهداء ثواب القراءة للنبي (ص)، لان جنابه الرفيع لا يتجرأ عليه إلا بما أذن فيه، وهو الصلاة عليه وسؤال الوسيلة له.
قال: وبالغ السبكي وغيره في الرد عليه، بأن مثل ذلك لا يحتاج لاذن خاص، ألا ترى أن ابن عمر كان يعتمر عنه (ص) عمرا بعد موته من غير وصية، وحج ابن الموفق وهو في طبقة الجنيد عنه سبعين حجة، وختم ابن السراج عنه (ص) أكثر من عشرة آلاف ختمة، وضحى عنه مثل ذلك اه.
قلت: رأيت نحو ذلك بخط مفتي الحنفية الشهاب أحمد بن الشلبي شيخ صاحب البحر عن شرح الطيبة للنويري، ومن جملة ما نقله أن ابن عقيل من الحنابلة قال: يستحب إهداؤها له (ص) اه.