لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن فلا تجوز، وعليه حمل حديث: لعن الله زائرات القبور وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء والتبرك بزيارة قبور الصالحين فلا بأس إذا كن عجائز. ويكره إذا كن شواب كحضور الجماعة في المساجد اه. وهو توفيق حسن. قوله: (ويقول الخ) قال في الفتح: والسنة زيارتها قائما، والدعاء عندها قائما، كما كان يفعله (ص) في الخروج إلى البقيع ويقول: السلام عليكم الخ.
وفي شرح اللباب للمله علي القاري: ثم من آداب الزيارة ما قالوا، من أنه يأتي الزائر من قبل رجلي المتوفي لا من قبل رأسه لأنه أتعب لبصر الميت، بخلاف الأول لأنه يكون مقابل بصره، لكن هذا إذا أمكنه، وإلا فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قرأ أول سورة البقرة عند رأس ميت وآخرها عند رجليه. ومن آدابها أن يسلم بلفظ السلام عليكم على الصحيح لا عليكم السلام، فإنه ورد: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ونسأل الله لنا ولكم العافية ثم يدعو قائما طويلا، وإن جلس يجلس بعيدا أو قريبا بحسب مرتبته في حال حياته اه. قال ط: ولفظ الدار مقحم، أو هو من ذكر اللازم، لأنه إذا سلم على الدار فأولى ساكنها، وذكر المشيئة للتبرك، لان اللحوق محقق، أو المراد اللحوق على أتم الحالات فتصح المشيئة. قوله: (ويقرأ يس) لما ورد:
من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات بحر. وفي شرح اللباب: ويقرأ من القرآن ما تيسر له من الفاتحة وأول البقرة إلى المفلحون وآية الكرسي (البقرة: 522). * (وآمن الرسول) * (البقرة: 582) وسورة يس وتبارك الملك وسورة التكاثر والاخلاص اثني عشر مرة (1). أو عشرا أو سبعا أو ثلاثا ثم يقول: اللهم أوصل ثواب ما قرأناه إلى فلان أو إليهم اه.
مطلب في القراءة للميت وإهداء ثوابها له تنبيه: صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للانسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها، كذا في الهداية. بل في زكاة التاترخانية عن المحيط: الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شئ ا ه.
هو مذهب أهل السنة والجماعة، لكن استثنى مالك والشافعي العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة فلا يصل ثوابها إلى الميت عندهما، بخلاف غيرها كالصدقة والحج. وخالف المعتزلة في الكل، وتمامه في فتح القدير. أقول: ما مر عن الشافعي هو المشهور عنه. والذي حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت إن كانت بحضرته أو دعي له عقبها ولو غائبا، لان محل القراءة تنزل الرحمة والبركة، والدعاء عقبها أرجى للقبول، ومقتضاه أن المراد انتفاع الميت بالقراءة لا حصول ثوابها له، ولهذا