وفي باقي الاسفار الطويلة أو القصيرة المباحة إذا أراد استصحاب بعضهن. (أقرع بينهن) وجوبا كما اقتضاه إيراد الروضة وأصلها عند تنازعهن. (وخرج بالتي تخرج لها) سهم (القرعة) لما روى الشيخان أنه (ص): كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه. وسواء أكان ذلك في يومها أو في يوم غيرها. وإذا خرجت القرعة لصاحبه النوبة لا تدخل نوبتها في مدة السفر، بل إذا رجع وفى لها نوبتها وإذا خرجت القرعة لواحدة فليس له الخروج بغيرها وله تركها. ولو سافر بواحدة أو أكثر من غير قرعة عصى وقضى، فإن رضين بواحدة جاز بلا قرعة وسقط القضاء ولهن الرجوع قبل سفرها، قال الماوردي: وكذا بعده ما لم يجاوز مسافة القصر أي يصل إليها وإذا سافر بالقرعة لا يقضي للزوجات المتخلفات مدة سفره لأنه لم يتعد والمعنى فيه أن المستصحبة وإن فازت بصحبته فقد لحقها من تعب السفر ومشقته ما يقابل ذلك، والمتخلفة وإن فاتها حظها من الزوج فقد ترفهت بالراحة والإقامة، فتقابل الأمران فاستويا.
وخرج بالاسفار المباحة غيرها فليس له أن يستصحب فيها بعضهن لا بقرعة ولا بغيرها، فإن فعل عصى ولزمه القضاء للمتخلفات. وخرج بالزوجات الإماء فله أن يستصحب بعضهم بغير قرعة، فإن وصل المقصد وصار مقيما قضى مدة الإقامة لخروجه عن حكم السفر، هذا إن ساكن المصحوبة أما إذا اعتزلها مدة الإقامة فلا يقضي كما جزم به في الحاوي ولا يقضي مدة الرجوع كما لا يقضي مدة الذهاب.
تنبيه: من وهبت من الزوجات حقها من القسم لغيرها لم يلزم الزوج الرضا بذلك لأنها لا تملك إسقاط حقه من الاستمتاع، فإن رضي بالهبة ووهبت لمعينة منهن بات عندها ليلتيهما كما فعل النبي (ص) لما وهبت سودة نوبتها لعائشة رضي الله تعالى عنهما، وإن وهبت للزوج فقط كان له التخصيص بواحدة فأكثر لأنها جعلت الحق له فيضعه حيث شاء ولو وهبت له ولبعض الزوجات أو له وللجميع قسم ذلك على الرؤوس كما بحثه بعض المتأخرين. ولا يجوز