فقال البغوي: إذا تاب زوج في الحال ووجهه بأن الشرط في ولي النكاح عدم الفسق لا قبول الشهادة، ولا ينعقد بشهادة فاسقين لأنه لا يثبت بهما وينعقد بمستوري العدالة وهما المعروفان بها ظاهرا لا باطنا بأن عرفت بالمخالطة دون التزكية عند الحاكم لأن الظاهر من المسلمين العدالة، ولا فرق بين أن يعقد بهما الحاكم أو غيره على المعتمد لا بمستوري الاسلام أو الحرية بأن يكونا في موضع يختلط فيه المسلمون بالكفار والأحرار بالأرقاء، بل لا بد من معرفة حالهما باطنا لسهولة الوقوف على ذلك بخلاف العدالة والفسق. هل الكافر يلي عقد موليته الكافرة ثم شرع في كون الكافر الأصلي يلي الكافرة الأصلية بقوله: (إلا أنه لا يفتقر نكاح الذمية إلى إسلام الولي) ولو كانت الذمية عتيقة مسلم وإن اختلف اعتقاد الزوجة والولي فيزوج اليهودي نصرانية والنصراني يهودية كالإرث لقوله تعالى: * (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) * وقضية التشبيه بالإرث أنه لا ولاية لحربي على ذمية وبالعكس، وأن المستأمن كالذمي وهو ظاهر كما صححه البلقيني، ومرتكب المحرم الفسق في دينه من أولياء الكافرة كالفاسق عندنا فلا يزوج موليته بخلاف ما إذا لم يرتكب ذلك، وإن كان مستورا فيزوجها كما تقرر. وفرقوا بين ولايته وشهادته حيث لا تقبل وإن لم يكن مرتكبا ذلك بأن الشهادة محض ولاية على الغير فلا يؤهل لها الكافر، والولي في التزويج كما يراعي حظ موليته يراعي حظ نفسه أيضا في تحصينها ودفع العار عن النسب.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن يكون زوج الكافرة كافرا أو مسلما وهو كذلك لكن لا يزوج المسلم قاضيهم بخلاف الزوج الكافر لأن نكاح الكافر محكوم بصحته وإن صدر من قاضيهم، أما المرتد فلا يلي مطلقا لا على مسلمة ولا على مرتدة ولا على غيرهما لانقطاع الموالاة بينه وبين غيره. (ولا) يفتقر (نكاح الأمة) من عبد أو حر بشرطه (إلى عدالة السيد) لأنه يزوج بالملك لا بالولاية لأنه يملك التمتع بها في الجملة والتصرف فيما يمكن استيفاؤه، ونقله إلى الغير يكون بحكم الملك كاستيفاء سائر المنافع، ونقلها بالإجارة، فيزوج مسلم ولو فاسقا أو مكاتبا أمته الكافرة الأصلية، بخلاف الكافر لي له أن يزوج أمته ليس المسلمة إذ لا يملك التمتع بها أصلا بل ولا سائر التصرفات فيها سوى إزالة الملك عنها وكتابتها، بخلاف المسلم في الكافرة وإذا ملك المبعض ببعضه الحر أمة زوجها كما قاله البغوي في تهذيبه وإن خالف في فتاويه كالمكاتب بل أولى لأن ملكه تام ولهذا تجب عليه الزكاة.
تنبيه: مما تركه المصنف من شروط الولي أن لا يكون مختل النظر بهرم أو خبل، وأن لا يكون محجورا عليه بسفه، ومتى كان الأقرب ببعض هذه الصفات المانعة للولاية فالولاية للأبعد، وأما الاغماء فننتظر إفاقته منه، ولا يقدح العمى في ولاية التزويج لحصول المقصود بالبحث والسماع وإحرام أحد العاقدين إن ولي ولو حاكما أو زوج أو وكيل عن أحدهما، أو الزوجة بنسك ولو فاسدا يمنع صحة النكاح لحديث: المحرم ينكح ولا ينكح الكاف مكسورة