قال: من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات. ولأنه كان في أول الاسلام يجب الوضوء لكل صلاة فنسخ الوجوب وبقي أصل الطلب. ويسن أن تتبع المرأة غير المحرمة والمحدة لحيض أو نفاس أثر الدم مسكا فتجعله في قطنة وتدخلها الفرج بعد غسلها وهو المراد بالأثر، ويكره تركه بلا عذر كما في التنقيح والمسك فارسي معرب الطيب المعروف، فإن لم تجد المسك أو لم تمسح به فنحوه مما فيه حرارة كالقسط والأظفار، فإن لم تجد طيبا فطينا فإن لم تجده كفى الماء أما المحرمة فيحرم عليها الطيب بأنواعه. والمحدة تستعمل قليل قسط أو أظفار، ويسن أن لا ينقص ماء الوضوء في معتدل الجسد عن مد تقريبا وهو رطل وثلث بغدادي، والغسل عن صاع تقريبا وهو أربعة أمداد لحديث مسلم عن سفينة: أنه (ص) كان يغسله الصاع ويوضئه المد. ويكره أن يغتسل في الماء الراكد وإن كثر أو بئر معينة كما في المجموع، وينبغي أن يكون ذلك في غير المستبحر.
فائدة: قال في الاحياء لا ينبغي أن يحلق أو يقلم أو يستحد أو يخرج دما أو يبين من نفسه جزءا وهو جنب، إذ ترد إليه سائر أجزائه في الآخرة فيعود جنبا، ويقال إن كل شعرة تطالب بجنابتها، ويجوز أن ينكشف للغسل في خلوة أو بحضرة من يجوز له نظره إلى عورته والستر أفضل. القول في حكم من اجتمع عليه أغسال ومن اغتسل لجنابة ونحوها كحيض وجمعة ونحوها كعيد حصل غسلهما، كما لو نوى الفرض وتحية المسجد، أو نوى أحدهما حصل فقط اعتبارا بما نواه، وإنما لم يندرج النفل في الفرض لأنه مقصود فأشبه سنة الظهر مع فرضه.
فإن قيل: لو نوى بصلاته الفرض دون التحية حصلت التحية وإن لم ينوها. أجيب بأن القصد ثم إشغال البقعة بصلاة وقد حصل، وليس القصد هنا النظافة فقط بدليل أنه يتيمم عند عجزه عن الماء. ومن وجب عليه فرضان كغسلي جنابة وحيض كفاه الغسل لأحدهما، وكذا لو سن في حقه سنتان كغسلي عيد وجمعة، ولا يضر التشريك بخلاف نحو الظهر مع سنته لأن مبنى الطهارات على التداخل بخلاف الصلاة، ولو أحدث ثم أجنب أو أجنب ثم أحدث أو أجنب وأحدث وأحدث معا كفى الغسل لاندراج الوضوء في الغسل.
تتمة: يباح للرجال دخول الحمام ويجب عليهم غض البصر عما لا يحل لهم وصون عوراتهم عن الكشف بحضرة من لا يحل لهم النظر إليها وقد روي: أن الرجل إذا دخل الحمام عاريا لعنه ملكاه.
رواه القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى: * (كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) * وروى الحاكم عن جابر أن النبي (ص) قال: حرام على الرجال دخول الحمام إلا بمئزر. أما النساء فيكره لهن بلا عذر لخبر: ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله رواه الترمذي وحسنه، ولان أمرهن مبني على المبالغة في الستر، ولما في خروجهن واجتماعهن من الفتنة والشر وينبغي أن يكون الخناثى كالنساء. ويجب أن لا يزيد في الماء على قدر الحاجة ولا العادة. (وآدابه): أن يقصد التطهير والتنظيف لا الترفه والتنعم وأن يسلم الأجرة قبل دخوله وأن يسمي للدخول ثم يتعوذ كما في دخول الخلاء، وأن يذكر بحرارته حرارة نار جهنم لشبهه بها. قال في المجموع: ولا بأس بقوله لغيره عافاك الله ولا بالمصافحة، وينبغي لمن يخالط الناس التنظيف والسواك وإزالة الشعر وإزالة ريح كريهة وحسن الأدب معهم والله أعلم.
فصل: في الأغسال المسنونة (والاغتسالات المسنونة) كثيرة المذكور منها هنا (سبعة عشر غسلا) بتقديم السين على الموحدة وسأذكر زيادة على ذلك الأول من السبعة عشر (غسل الجمعة) لمن يريد حضورها وإن لم تجب عليه الجمعة لحديث: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل. ولخبر البيهقي بسند صحيح: من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل. ومن لم يأتها فليس عليه شئ. وروي:
غسل الجمعة واجب على كل محتلم أي متأكد وصرف هذا عن الوجوب خبر: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل. رواه الترمذي وحسنه. ووقته من الفجر الصادق لأن الاخبار