لا يحتمل خلوها عنه، ويسن إعادة كل صلاة احتمل خلوها عنه، وإن احتمل كونه من آخر نام معه في فراشه مثلا فإنه يسن لهما الغسل والإعادة، ولو أحس بنزول المني فأمسك ذكره فلم يخرج منه شئ فلا غسل عليه كما علم مما مر وصرح به في الروضة. (و) الثالثة: (الموت) لمسلم غير شهيد كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الجنائز لحديث المحرم الذي وقصته ناقته فقال: اغسلوه بماء وسدر رواه الشيخان. وظاهره الوجوب وهو من فروض الكفاية، والوقص كسر العنق. القول في ما يختص به النساء (وثلاثة) منها (تختص بها النساء وهي) أي الأولى (الحيض) لقوله تعالى: * ( فاعتزلوا النساء في المحيض) * أي الحيض ولخبر البخاري أنه (ص) قال لفاطمة بنت أبي حبيش:
إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي. (و) الثانية: (النفاس) لأنه دم حيض مجتمع، ويعتبر مع خروج كل منهما وانقطاعه القيام إلى الصلاة أو نحوها كما في الرافعي، والتحقيق وإن صحح في المجموع أن موجبه الانقطاع فقط (و) الثالثة (الولادة) ولو علقة أو مضغة ولو بلا بلل لأنه مني منعقد ولأنه لا يخلو عن بلل غالبا فأقيم مقامه كالنوم مع الخارج وتفطر به المرأة على الأصح في التحقيق وغيره.
تتمة: يحرم على الجنب والحائض والنفساء ما حرم بالحدث الأصغر لأنها أغلظ منه، وشيئان آخران أحدهما. المكث لمسلم غير النبي (ص) بالمسجد أو التردد فيه لغير عذر لقوله تعالى:
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا قال ابن عباس وغيره: لا تقربوا مواضع الصلاة لأنه ليس فيها عبور سبيل، بل مواضعها وهو المسجد ونظيره قوله تعالى: * (لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد) * ولقوله عليه الصلاة والسلام: لا أحل المسجد لحائض ولا جنب رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها وعن أبويها.
وقال ابن القطان: إنه حسن وخرج بالمكث والتردد العبور للآية المذكورة، وكما لا يحرم لا يكره إن كان له فيه غرض مثل أن يكون المسجد أقرب طريقيه، فإن لم يكن له غرض كره كما في الروضة وأصلها، وحيث عبر لا يكلف الاسراع في المشي بل يمشي على العادة، وبالمسلم الكافر فإنه يمكن من المكث في المسجد على الأصح في الروضة وأصلها، وبغير النبي (ص) هو فلا يحرم عليه.
قال صاحب التلخيص: ذكر من خصائصه (ص) دخوله المسجد جنبا، وبالمسجد المدارس والربط ومصلى العيد ونحو ذلك. وبلا عذر ما إذا حصل له عذر كأن احتلم في المسجد وتعذر عليه الخروج لاغلاق بابه أو خوف على نفسه أو عضوه أو منفعة ذلك أو على ماله، فلا يحرم عليه المكث، ولكن يجب عليه كما في الروضة أن يتيمم إن وجد غير تراب المسجد، فإن لم يجد غيره لا يجوز له أن يتيمم به، فلو خالف وتيمم به صح تيممه كالتيمم بتراب مغصوب والمراد بتراب المسجد الداخل في وقفه لا المجموع من ريح ونحوه، وثانيهما يحرم على من ذكر قراءة القرآن باللفظ في حق الناطق، وبالإشارة في حق الأخرس كما قاله القاضي في فتاويه فإنها منزلة النطق هنا، وذلك لحديث الترمذي وغيره:
لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن. ويجوز لمن به حدث أكبر إجراء القرآن على قلبه ونظر في المصحف وقراءة ما نسخت تلاوته وتحريك لسانه وهمسه بحيث لا يسمع نفسه لأنها ليست بقراءة قرآن وفاقد الطهورين يقرأ الفاتحة وجوبا فقط للصلاة، لأنه مضطر إليها، أما خارج الصلاة فلا يجوز له أن يقرأ شيئا ولا أن توطأ الحائض أو النفساء إذا انقطع دمها، ويحل لمن ذكر أذكار القرآن وغيرها كمواعظه وأخباره وأحكامه لا بقصد قرآن كقوله عند الركوب: * (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) * أي مطيقين وعند المصيبة * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * فإن قصد القرآن وحده أو مع الذكر حرم، وإن أطلق فلا، كما نبه عليه في الدقائق لعدم الاخلال بحرمته لأنه لا يكون قرآنا إلا بالقصد قاله النووي وغيره.
ويسن للجنب غسل الفرج والوضوء للاكل والشرب والنوم والجماع، وللحائض والنفساء بعد انقطاع دمهما