وللمالك فتح الطاقات لاستضاءة وغرها، بل له إزالة بعض الجدار وجعل شباك مكانه وفتح باب بين داريه، وإن كانتا تفتحان إلى دربين أو درب وشارع لأنه تصرف مصادف للملك، فهو كما لو أزال الحائط بينهما وجعلهما دارا واحدة وترك بابيهما بحالهما. ولو تنازعا جدارا أو سقفا بين ملكيهما، فإن علم أنه بنى مع بناء أحدهما فله اليد لظهور أمارة الملك بذلك، وإن لم يعلم ذلك فلهما اليد لعدم المرجح، فإن أقام أحدهما بينة أنه له أو حلف ونكل الآخر قضى له به وإلا جعل بينهما لظاهر اليد فينتفع به كل مما يليه.
فصل: في الحوالة وهي بفتح الحاء أفصح من كسرها، لغة: التحول والانتقال، وشرعا: عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى ذمة أخرى، وتطلق على انتقاله من ذمة إلى أخرى والأول هو غالب استعمال الفقهاء. والأصل فيها قبل الاجماع خبر الصحيحين: مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع بإسكان التاء في الموضعين، أي فليحتل كما رواه هكذا البيهقي، ويسن قبولها على ملئ لهذا الحديث. وصرفه عن الوجوب القياس على سائر المعاوضات. ويعتبر في الاستحباب كما بحثه الأذرعي - أن يكون الملئ وفيا ولا شبهة في ماله، والأصح أنها بيع دين بدين جوز للحاجة، ولهذا لم يعتبر التقابض في المجلس وإن كان الدينان ربوبيين. القول في أركان الحوالة وأركانها ستة: محيل ومحتال ومحال عليه ودين للمحتال على المحيل ودين للمحيل على المحال عليه وصيغة، وكلها تؤخذ مما يأتي وإن سمي بعضها شرطا كما قال: (وشرائط) صحة (الحوالة أربعة) بل خمسة كما ستعرفه الأول: (رضا المحيل و) الثاني: (قبول المحتال) لأن للمحيل إيفاء الحق من حيث شاء، فلا يلزم بجهة وحق المحتال في ذمة المحيل فلا ينتقل إلا برضاه، لأن الذمم تتفاوت والامر الوارد للندب كما مر.
تنبيه: إنما عبر بالقبول المستدعي للايجاب لإفادة أنه لا بد من إيجاب المحيل كما في البيع. وهي دقيقة حسنة ولا يشترط رضا المحال عليه لأنه محل الحق والتصرف كالعبد المبيع، ولان الحق للمحيل فله أن يستوفيه بغيره كما لو وكل غيره بالاستيفاء. (و) الثالث (كون الحق) أي الدين المحال به وعليه لازما وهو ما لا خيار فيه ولا بد أن يجوز الاعتياض عنه كالثمن بعد زمن الخيار وإن لم يكن (مستقرا في الذمة)