وقال فيه أيضا: إن الاغتسال للحلق مسنون لكنه في الروضة تبعا لكثير. قال: وزاد في القديم ثلاثة أغسال لطواف الإفاضة والوداع وللحلق. قال في المهمات: وحاصله أن الجديد عدم الاستحباب لهذه الأمور الثلاثة وهو مقتضى كلام المنهاج انتهى. وهذا هو المعتمد، وقد قدمنا أن الأغسال المسنونة لا تنحصر فيما قاله المصنف، بل منها الغسل من الحجامة ومن الخروج في الحمام عند إرادة الخروج وللاعتكاف، ولكل ليلة من رمضان. وقيده الأذرعي بمن يحضر الجماعة وهو ظاهر ولدخول الحرم ولحلق العانة. ولبلوغ الصبي بالسن ولدخول المدينة المشرفة وهي موجودة في بعض النسخ، فيكون هو السابع عشر، وعند سيلان الوادي ولتغيير رائحة البدن، وعند كل اجتماع من مجامع الخير، أما الغسل للصلوات الخمس فلا يسن لها لما في ذلك من المشقة، وآكد هذه الاغتسالات غسل الجمعة ثم غسل غاسل الميت.
تنبيه: قال الزركشي: قال بعضهم: إذا أراد الغسل للمسنونات نوى أسبابها إلا الغسل من الجنون فإنه ينوي الجنابة، وكذا المغمى عليه ذكره صاحب الفروع انتهى. ومحل هذا إذا جن أو أغمي عليه بعد بلوغه لقول الشافعي: قل من جن إلا وأنزل، أما إذا جن أو أغمي عليه قبل بلوغه ثم أفاق قبله فإنه ينوي السبب كغيره.
فصل: في المسح على الخفين وأخباره كثيرة كخبر ابني خزيمة وحبان في صحيحهما عن أبي بكرة:
أن النبي (ص) أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما. وروى ابن المنذر عن الحسن البصري أنه قال: حدثني سبعون من الصحابة:
أن النبي (ص) مسح على الخفين. وقال بعض المفسرين: إن قراءة الجر في قوله تعالى: * ( وأرجلكم) * للمسح على الخفين. القول في حكم المسح (والمسح على الخفين جائز) في الوضوء بدلا عن غسل الرجلين، فالواجب على لابسه الغسل أو المسح، والغسل أفضل كما قاله في الروضة في آخر باب صلاة المسافر. نعم إن ترك المسح رغبة عن السنة أو شكا في جوازه أي لم تطمئن نفسه إليه لا أنه شك هل يجوز له فعله أو لا، أو خاف فوت الجماعة أو عرفة أو إنقاذ أسير أو نحو ذلك. فالمسح أفضل بل يكره تركه في الأولى، وكذا القول في سائر الرخص، واللائق في الأخيرتين الوجوب، وخرج بالوضوء إزالة النجاسة والغسل ولو مندوبا فلا مسح فيهما، وبالمسح على الخفين مسح خف رجل مع غسل الأخرى فلا يجوز، وللأقطع لبس خف في السالمة إلا إن بقي بعض المقطوعة فلا يكفي ذلك حتى يلبس ذلك البعض خفا، ولو كانت إحدى رجليه عليلة لم يجز إلباس الأخرى الخف للمسح عليه، إذا يجب التيمم عن العليلة فهي كالصحيحة. القول في شروط المسح وإنما يصح المسح، هنا (بثلاثة شرائط) وترك رابعا كما ستعرفه. الأول: (أن يبتدئ) مريد المسح على الخفين (لبسهما بعد كمال) أي تمام (الطهارة) من الحدثين للحديث السابق، فلو لبسهما قبل غسل رجليه، وغسلهما في الخفين لم يجز المسح إلا أن ينزعهما من موضع القدم، ثم يدخلهما في الخفين. ولو أدخل إحداهما بعد غسلها ثم غسل الأخرى وأدخلها لم يجز المسح إلا أن ينزع الأولى من موضع القدم ثم يدخلها في الخف، ولو غسلهما في ساق الخفين ثم أدخلهما موضع القدم جاز المسح، ولو ابتدأ اللبس بعد غسلهما ثم أحدث قبل وصولهما إلى موضع القدم لم يجز المسح، ولو كان عليه الحدثان فغسل أعضاء الوضوء عنهما ولبس الخف قبل غسل باقي بدنه لم يمسح عليه لأنه لبسه قبل كمال الطهارة. فإن قيل: لفظة: كمال لا حاجة إليها، لأن حقيقة الطهر أن يكون كاملا، ولذلك اعترض الرافعي على الوجيز بأنه لا حاجة إلى قيد التمام لأن من لم يغسل رجليه أو إحداهما ينتظم أن يقال إنه ليس على طهر. وأجيب: بأن ذلك ذكر تأكيدا، أو لاحتمال توهم إرادة البعض. حقيقة الستر في الخفين (و) الثاني: من الشروط (أن يكونا) أي الخفان (ساترين لمحل غسل الفرض من القدمين) في الوضوء وهو القدم بكعبيه من سائر الجوانب لا من الأعلى، فلو رئي القدم من أعلاه