اغتسلت من جنابة وحيض، ولان واجبهما غسل العضو وقد حصل. ومحل الخلاف إذا كان النجس حكميا كما في المجموع ويرفعهما الماء معا، وللسابعة في المغلظة حكم هذه الغسلة، فإن كان النجس عينيا ولم يزل بقي الحدث، أما غير السابعة في النجاسة المغلظة فلا يرتفع حدث ذلك المحل لبقاء نجاسته.
(و) الثالث: (إيصال الماء إلى جميع) أجزاء (الشعر) ظاهرا وباطنا وإن كثف ويجب نقض الضفائر إن لم يصل الماء إلى باطنها إلا بالنقض، لكن يعفى عن باطن الشعر المعقود ولا يجب غسل الشعر النابت في العين أو الانف، وإن كان يجب غسله من النجاسة لغلظها. (و) إلى جميع أجزاء (البشرة) حتى الأظفار وما يظهر من صماخي الاذنين ومن فرج المرأة عند قعودها لقضاء الحاجة، وما تحت القلفة وموضع شعر نتفه قبل غسله. قال البغوي: ومن باطن جدري اتضح.
فائدة: لو اتخذ له أنملة أو أنفا من ذهب أو فضة وجب عليه غسله من حدث أصغر أو أكبر ومن نجاسة غير معفو عنها، لأنه وجب عليه غسل ما ظهر من الإصبع والأنف بالقطع، وقد تعذر للعذر فصارت الأنملة والأنف كالأصليين، ولا يجب في الغسل مضمضة ولا استنشاق، بل يسن كما في الوضوء وغسل الميت. القول في سنن الغسل (وسننه) أي الغسل كثيرة المذكور منها هنا (خمسة أشياء). وسنذكر منها أشياء بعد ذلك: الأولى (التسمية) مقرونة بالنية كما صرح به في المجموع هنا، وقد تقدم في الوضوء بيان أكملها. (و) الثانية: (الوضوء) كاملا (قبله) للاتباع، رواه الشيخان، وقال في المجموع نقلا عن الأصحاب: وسواء أقدم الوضوء كله أو بعضه أم أخره أم فعله في أثناء الغسل فهو محصل للسنة، لكن الأفضل تقديمه، ثم إن تجردت الجنابة عن الحدث الأصغر كأن احتلم وهو جالس متمكن نوى سنة الغسل، وإلا نوى رفع الحدث الأصغر. وإن قلنا يندرج خروجا من خلاف من أوجبه فإن ترك الوضوء أو المضمضة أو الاستنشاق كره له، ويسن له أن يتدارك ذلك. (و) الثالثة: (إمرار اليد) في كل مرة من الثلاث (على) ما أمكنه من (الجسد) فيدلك ما وصلت إليه يده من بدنه احتياطا وخروجا من خلاف من أوجبه، وإنما لم يجب عندنا لأن الآية والأحاديث ليس فيهما تعرض لوجوبه، ويتعهد معاطفه كأن يأخذ الماء بكفه فيجعله على المواضع التي فيها انعطاف والتواء كالإبط والأذنين وطبقات البطن وداخل السرة لأنه أقرب إلى الثقة بوصول الماء، ويتأكد في الاذن فيأخذ كفا من ماء ويضع الاذن عليه برفق ليصل الماء إلى معاطفه وزواياه. (و) الرابعة: (الموالاة) وهي غسل العضو قبل جفاف ما قبله كما مر في الوضوء. (و) الخامسة: (تقديم) غسل جهة (اليمنى) من جسده ظهرا وبطنا (على) غسل جهة (اليسرى) بأن يفيض الماء على شقه الأيمن ثم الأيسر، لأنه (ص) كان يحب التيامن في طهوره. متفق عليه وقدمنا أن سنن الغسل كثيرة: فمنها التثليث تأسيا به (ص) كما في الوضوء. وكيفية ذلك أن يتعهد ما ذكر، ثم يغسل رأسه ويدلكه ثلاثا ثم باقي جسده كذلك بأن يغسل، ويدلك شقة الأيمن المقدم ثم المؤخر ثم الأيسر كذلك مرة ثم ثانية ثم ثالثة، كذلك للأخبار الصحيحة الدالة على ذلك، ولو انغمس في ماء فإن كان جاريا كفى في التثليث أن يمر عليه ثلاث جريات، لكن قد يفوته الدلك لأنه لا يتمكن منه غالبا تحت الماء، إذ ربما يضيق نفسه، وإن كان راكدا انغمس فيه ثلاثا بأن يرفع رأسه منه أو ينقل قدميه أو ينتقل فيه من مقامه إلى آخر ثلاثا، لا يحتاج إلى انفصال جملته ولا رأسه كما في التسبيع من نجاسة الكلب، فإن حركته تحت الماء كجري الماء عليه، ولا يسن تجديد الغسل لأنه لم ينقل ولما فيه من المشقة بخلاف الوضوء، فيسن تجديده إذا صلى بالأول صلاة ما كما قاله النووي في باب النذر من زوائد الروضة لما روى أبو داود وغيره أنه (ص)