لأن تركه فيه إضاعة مال. وقيده في المهذب بطلب مالكه وهو الذي يظهر اعتماده قياسا على الكفن، والفرق بأن الكفن ضروري لا يجدي، ولو بلع مالا لغيره وطلبه صاحبه كما في الروضة ولم يضمن مثله أو قيمته أحد من الورثة أو غيرهم كما في الروضة نبش وشق جوفه وأخرجه منه ورد لصاحبه، أما إذا ابتلع مال نفسه فإنه لا ينبش ولا يشق لاستهلاكه ماله في حال حياته، أو دفن لغير القبلة فيجب نبشه ما لم يتغير ويوجه للقبلة بخلاف ما إذا دفن بلا تكفين فإنه لا ينبش لأن الغرض بالتكفين الستر وقد حصل الستر بالتراب.
تتمة: يسن أن يقف جماعة بعد دفنه عند قبره ساعة يسألون له التثبيت لأنه (ص) كان إذا فرغ من دفن ميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ويسن تلقين الميت المكلف بعد الدفن لحديث ورد فيه. قال في الروضة: والحديث وإن كان ضعيفا لكنه اعتضد بشواهد من الأحاديث الصحيحة ولم تزل الناس على العمل به من العصر الأول في زمن من يقتدى به، ويقعد الملقن عند رأس القبر، أما غير المكلف وهو الطفل ونحوه ممن لم يتقدمه تكليف فلا يسن تلقينه لأنه لا يفتن في قبره. يسن لنحو جيران أهل الميت:
كأقاربه البعداء ولو كانوا ببلد وهو بأخرى تهيئة طعام يشبعهم يوما وليلة لشغلهم بالحزن عنه، وأن يلح عليهم في الاكل لئلا يضعفوا بتركه، وحرم تهيئته لنحو نائحة كنادبة لأنها إعانة على معصية.
قال ابن الصباغ وغيره: أما اصطناع أهل الميت طعاما وجمع الناس عليه فبدعة مستحبة.
كتاب الزكاة وهي - لغة - النمو والبركة وزيادة الخير، يقال: زكا الزرع إذ نما، وزكت النفقة إذا بورك فيها، وفلان زاك أي كثير الخير وتطلق على التطهير قال تعالى * (قد أفلح من زكاها) * طهرها من الأدناس وتطلق أيضا على المدح، قال تعالى * (فلا تزكوا أنفسكم) * أي تمدحوها شرعا اسم لقدر مخصوص من مال مخصوص يجب صرفه لأصناف مخصوصة بشرائط تأتي، وسميت بذلك لأن المال ينمو ببركة إخراجها ودعاء الآخذ لها، ولأنها تطهر مخرجها من الاثم وتمدحه حتى تشهد له بصحة الايمان. والأصل في وجوبها قبل الاجماع قوله تعالى * (وآتوا الزكاة) * وقوله تعالى * (خذ من أموالهم صدقة) * وأخبار كخبر بني الاسلام على خمس وهي أحد أركان الاسلام لهذا الخبر. يكفر جاحدها وإن أتى بها وهذا في الزكاة المجمع عليها بخلاف المختلف فيها كالركاز، ويقاتل الممتنع من أدائها عليها وتؤخذ منه قهرا كما فعل الصديق رضي الله تعالى عنه، وفرضت في السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر (تجب الزكاة في خمسة أشياء)