كأن كان واسع الرأس لم يضر عكس ساتر العورة، فإنه من الأعلى والجوانب لا من الأسفل، لأن القميص مثلا في ستر العورة يتخذ لستر أعلى البدن، والخف يتخذ لستر أسفل الرجل، فإن قصر عن محل الفرض أو كان به تخرق في محل الفرض ضر ولو تخرقت البطانة أو الطهارة والباقي صفيق لم يضر وإلا ضر، ولو تخرقتا من موضعين غير متحاذيين لم يضر، والمراد بالستر هنا الحيلولة لا ما يمنع الرؤية فيكفي الشفاف عكس ساتر العورة لأن القصد هنا منع نفوذ الماء وثم منع الرؤية. وقال في المجموع: إن المعتبر في الخف عشر غسل الرجل بسبب الساتر وقد حصل، والمقصود بستر العورة سترها بجرم عن العيون ولم يحصل ولا يجزئ منسوج لا يمنع نفوذ الماء إلى الرجل من غير محل الخرز لو صب عليه لعدم صفاقته، لأن الغالب من الخفاف أنها تمنع النفوذ فتنصرف إليها النصوص. الدالة على الترخيص فيبقى الغسل واجبا فيما عداها. (و) الثالث: من الشروط (أن يكونا) معا (مما يمكن تتابع المشي عليهما) لتردد مسافر لحاجته عند الحط والترحال وغيرهما مما جرت به العادة، ولو كان لابسه مقعدا. واختلف في قدر المدة المتردد فيها، فضبطه المحاملي بثلاث ليال فصاعدا. وقال في المهمات المعتمد ما ضبطه الشيخ أبو حامد بمسافة القصر تقريبا انتهى والأقرب إلى كلام الأكثرين كما قاله ابن العماد أن المعتبر التردد فيه لحوائج سفر يوم وليلة للمقيم ونحوه، وسفر ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر سفر قصر لأنه بعد انقضاء المدة يحب نزعه، فقوته تعتبر بأن يمكن التردد فيه لذلك، وسواء في ذلك المتخذ من جلد أو غيره كلبد وخرق مطبقة، بخلاف ما لا يمكن المشي فيه لما ذكر لثقله كالحديد، أو لتحديد رأسه المانع له من الثبوت أو ضعفه كجورب الصوفية والمتخذ من جلد ضعيف، أو لغلظه كالخشبة العظيمة، أو لفرط سعته أو ضيقه أو نحو ذلك فلا يكفي المسح عليه إذ لا حاجة لمثل ذلك، ولا فائدة في إدامته، قال في المجموع: إلا أن يكون الضيق يتسع بالمشي فيه. وقال في الكافي عن قرب كفى المسح عليه بلا خلاف. والشرط الرابع: الذي أسقطه المصنف أن يكونا طاهرين فلا يكفي المسح على خف اتخذ من جلد ميتة قبل الدباغ لعدم إمكان الصلاة فيه، وفائدة المسح وإن لم تنحصر فيها فالقصد الأصلي منه الصلاة وغيرها تبع لها، ولان الخف بدل عن الرجل وهو نجس العين وهي لا تطهر عن الحدث ما لم تزل نجاستها، فكيف يمسح عن البدل وهو نجس العين؟ والمتنجس كالنجس كما في المجموع لأن الصلاة هي المقصود الأصلي من المسح وما عداها من مس المصحف وغيره، كالتابع لها كما مر. نعم لو كان على الخف نجاسة معفو عنها ومسح من أعلاه ما لا نجاسة عليه صح مسحه، فإن مسح على النجاسة زاد التلويث ولزمه حينئذ غسله وغسل يده ذكره في المجموع.
فرع: لو خرز خفه بشعر نجس والخف أو الشعر رطب طهر بالغسل ظاهره دون محل الخرز. ويعفى عنه، فلا ينجس الرجل المبتلة ويصلي فيه الفرائض والنوافل لعموم البلوى به، كما في الروضة في الأطعمة خلافا لما في التحقيق من أنه لا يصلي فيه. القول في مدة المسح (ويمسح المقيم) ولو عاصيا بإقامته والمسافر سفرا قصيرا أو طويلا وهو عاص بسفره، وكذا كل سفر يمتنع فيه القصر (يوما وليلة) كاملين فيستبيح بالمسح ما يستبيحه بالوضوء في هذه المدة، (و) يمسح (المسافر) سفر قصر (ثلاثة أيام ولياليهن) فيستبيح بالمسح ما يستبيحه بالوضوء في هذه المدة، ودليل ذلك الخبر السابق أول الفصل، وخبر مسلم عن شريح بن هانئ: سألت علي بن أبي طالب عن المسح على الخفين؟ فقال: جعل رسول الله (ص) ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم. والمراد بلياليهن ثلاثة ليال متصلة بها سواء أسبق اليوم الأول ليلة أم لا. فلو أحدث في أثناء الليل أو اليوم اعتبر قدر الماضي منه من الليلة الرابعة أو اليوم الرابع وعلى قياس ذلك يقال في مدة المقيم وما ألحق به. القول في ما يستبيحه دائم الحدث بالمسح