جاءت أم سليم إلى رسول الله (ص) فقالت: إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء. أما الخنثى المشكل إذا خرج المني من أحد فرجيه فلا غسل عليه لاحتمال أن يكون زائدا مع انفتاح الأصلي. فإن أمنى منهما أو من أحدهما وحاض من الآخر وجب عليه الغسل. القول في خروج المني من غير طريقه المعتاد ولا فرق في وجوب الغسل بخروج المني بين أن يخرج من طريقه المعتاد، وإن لم يكن مستحكما أو من غيره إذا كان مستحكما مع انسداد الأصلي، وخرج من تحت الصلب، فالصلب هنا كالمعدة في فصل الحدث فيفرق بين الانسداد العارض والخلقي كما فرق هناك كما صوبه في المجموع. والصلب إنما يعتبر للرجل كما قاله في المهمات، أما المرأة فما بين ترائبها والصلب عظام الظهر كله والترائب عظام الصدر. قال تعالى: * (يخرج من الصلب والترائب) * أي صلب الرجل وترائب المرأة، فإن خرج غير المستحكم من غير المعتاد كأن خرج لمرض، فلا يجب الغسل به بلا خلاف كما قاله في المجموع عن الأصحاب، ولا يجب بخروج مني غيره منه ولا بخروج منيه بعد استدخاله، ويعرف المني بتدفقه بأن يخرج بدفعات قال تعالى: * (من ماء دافق) * وسمي منيا لأنه يمنى أي يصب. أو لذة بخروجه مع فتور الذكر وانكسار الشهوة عقبه، وإن لم يتدفق لقلته أو خرج على لون الدم أو ريح عجين حنطة أو نحوها أو ريح طلع رطبا أو ريح بياض بيض دجاج أو نحوه جافا، وإن لم يلتذ به ولم يتدفق لقلته: كأن خرج باقي منيه بعد غسله، أما إذا خرج من قبل المرأة مني جماعها بعد غسلها فلا تعيد الغسل إلا إن قضت شهوتها، فإن لم يكن لها شهوة كصغيرة، أو كانت ولم تقض كنائمة لا إعادة عليها. فإن قيل: إذا قضت شهوتها لم تتيقن خروج منيها ويقين الطهارة لا يرفع بظن الحدث، إذ حدثها وهو خروج منيها غير متيقن، وقضاء شهوتها لا يستدعي خروج شئ من منيها كما قاله في التوشيح. أجيب: بأن قضاء شهوتها منزل منزلة نومها في خروج الحدث فنزلوا المظنة منزلة المئنة، وخرج بقبل المرأة ما لو وطئت في دبرها فاغتسلت ثم خرج منها مني الرجل لم يجب عليها إعادة الغسل كما علم مما مر، فإن فقدت الصفات المذكورة في الخارج فلا غسل عليه لأنه ليس بمني. إذا شك هل هو مني أو غيره؟ فإن احتمل كون الخارج منيا أو غيره كودي أو مذي تخير بينهما على المعتمد، فإن جعله منيا اغتسل أو غيره توضأ وغسل ما أصابه لأنه إذا أتى بمقتضى أحدهما برئ منه يقينا، والأصل براءته من الآخر ولا معارض له، بخلاف من نسي صلاة من صلاتين حيث يلزمه فعلهما لاشتغال ذمته بهما جميعا، والأصل بقاء كل منهما وإذا اختار أحدهما وفعله اعتد به، فإن لم يفعله كان له الرجوع عنه، وفعل الآخر إذ لا يتعين عليه شئ باختياره، ولو استدخلت المرأة ذكرا مقطوعا أو قدر الحشفة منه لزمها الغسل كما في الروضة، ومقتضاه أنه لا فرق بين استدخاله من رأسه أو أصله أو وسطه بجمع طرفيه. قال الأسنوي: وفي ذلك نظر انتهى. والظاهر أن المعول على الحشفة حيث وجدت. وظاهر كلام المنهاج أن مني المرأة يعرف بالخواص المذكورة وهو قول الأكثر. وقال الإمام الغزالي: لا يعرف إلا بالتلذذ. وقال ابن صلاح: لا يعرف إلا بالتلذذ والريح، وجزم به النووي في شرح مسلم، والأول هو الظاهر. ويؤيده كما قال ابن الرفعة قول المختصر، وإذا رأت المرأة الماء الدافق.
فرع: لو رأى في فراشه أو ثوبه ولو بظاهره منيا لا يحتمل أنه من غيره لزمه الغسل وإعادة كل صلاة