من الركاز (ففيه الخمس) رواه الشيخان وخالف المعدن من حيث إنه لا مؤنة في تحصيله أو مؤنته قليلة فكثر واجبه كالمعشرات، ويصرف هو والمعدن مصرف الزكاة لأنه حق واجب في المستفاد من الأرض فأشبه الواجب في الزروع والثمار.
تنبيه: قد علم أنه لا بد أن يكون نصابا من النقد ولا يشترط فيه الحول، والركاز بمعنى المركوز وهو دفين الجاهلية، والمراد بالجاهلية ما قبل الاسلام أي قبل مبعث النبي (ص) كما صرح به الشيخ أبو علي، سموا بذلك لكثرة جهالتهم، ويعتبر في كون المدفون الجاهلي ركازا أن لا يعلم أن مالكه بلغته الدعوة، فإن علم أنها بلغته وعاند ووجد في بنائه وبلده التي أنشأها كثر فليس بركاز بل هو فئ كما حكاه في المجموع عن جماعة وأقره وأن يكون مدفونا، فإن وجده ظاهرا فإن علم أن السيل أظهره فركاز، أو أنه كان ظاهرا فلقطة وإن شك فكما لو شك في أنه ضرب الجاهلية أو الاسلام وسيأتي، فإن وجد دفين إسلامي كأن يكون عليه شئ من القرآن أو اسم ملك من ملوك الاسلام: فإن علم مالكه فله فيجب رده على مالكه لأن مال المسلمين لا يملك بالاستيلاء عليه، فإن لم يعلم مالكه فلقطة، وكذا إن لم يعلم من أي الضربين الجاهلي أو الاسلامي هو؟ بأن كان مما لا أثر عليه كالتبر وإنما يملك الركاز الواجد له ويلزمه زكاته إذا وجده في موات أو في ملك أحياه، فإن وجده في مسجد أو شارع فلقطة وإن وجده في ملك شخص أو في موقوف عليه فللشخص إن ادعاه، فإن لم يدعه بأن نفاه أو سكت فلمن ملك منه وهكذا حتى ينتهي الامر إلى المحيي للأرض فيكون له وإن لم يدعه لأنه ملكه، ولو تنازع الركاز في ملك بائع ومشتر أو مكر ومكتر أو معير ومستعير صدق ذو اليد بيمينه كما لو تنازعا في أمتعة الدار.
فصل: في زكاة الفطر.. ويقال صدقة الفطر سميت بذلك لأن وجوبها بدخول الفطر، ويقال أيضا زكاة الفطرة بكسر الفاء والتاء في آخرها كأنها من الفطرة التي هي الخلقة المرادة بقوله تعالى * (فطرت الله التي فطر الناس عليها) * قال وكيع بن الجراح: زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدة السهو للصلاة تجبر نقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة. والأصل في وجوبها قبل الاجماع خبر ابن عمر رضي الله عنهما: فرض رسول الله (ص) زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين (وتجب زكاة الفطر بثلاثة شرائط) بل بأربعة كما ستعرفه: الأول (الاسلام) فلا زكاة على كافر أصلي لقوله (ص):
من المسلمين وهو إجماع قاله الماوردي لأنها طهرة وهو ليس من أهلها، والمراد أنه ليس مطالبا بإخراجها ولكن يعاقب عليها في الآخرة، وأما فطرة المرتد ومن عليه مؤنته فموقوفة على عوده إلى الاسلام وكذا العبد المرتد ولو غربت الشمس، ومن تلزم الكافر نفقته مرتد لم تلزمه فطرته حتى يعود إلى الاسلام، وتلزم الكافر الأصلي فطرة رقيقه المسلم وقريبه المسلم كالنفقة عليهما.
(و) الشرط الثاني (بغروب) كل (الشمس من آخر يوم من رمضان) لأنها مضافة في الحديث إلى الفطر من رمضان في الخبر الماضي، ولا بد من إدراك جزء من رمضان وجزء من ليلة شوال