(فصل: في الاستنجاء) وهو طهارة مستقلة على الأصح. وأخره المصنف عن الوضوء إعلاما بجواز تقديم الوضوء عليه، وهو كذلك بخلاف التيمم لأن الوضوء يرفع الحدث وارتفاعه يحصل مع قيام المانع، ومقتضاه كما قال الأسنوي: عدم صحة وضوء دائم الحدث قبل الاستنجاء، لكونه لا يرفع الحدث وهو الظاهر، وإن قال بعض المتأخرين: إن الماء أصل في رفع الحدث. فكان أقوى من التراب الذي لا يرفعه أصلا. (القول في حكم الاستنجاء) (والاستنجاء): استفعال من طلب النجاء وهو الخلاص من الشئ، وهو مأخوذ من نجوت الشجرة وأنجيتها إذا قطعتها لأن المستنجي يقطع به الأذى عن نفسه، وقد يترجم هذا الفصل بالاستطابة، ولا شك أن الاستطابة طلب الطيب، فكأن قاضي الحاجة يطلب طيب نفسه بإخراج الأذى، وقد يعبر عنه بالاستجمار من الجمار وهو الحصى الصغار، وتطلق الثلاثة على إزالة ما على المنفذ، لكن الأولان يعمان الحجر والماء، والثالث يختص بالحجر. (واجب ومن) خروج (البول والغائط) وغيرهما، من كل خارج ملوث ولو نادرا كدم ومذي وودي إزالة للنجاسة لا على الفور بل عند الحاجة إليه. (القول في الأفضل في الاستنجاء) (والأفضل أن يستنجي بالأحجار) أو ما في معناها. (ثم يتبعها بالماء) لأن العين تزول بالحجر أو ما في معناه، والأثر يزول بالماء من غير حاجة إلى مخامرة النجاسة، وقضية التعليل أنه لا يشترط في حصول فضيلة الجمع طهارة الحجر، وأنه يكتفي بدون الثلاث مع الانقاء، وبالأول صرح الجيلي نقلا عن الغزالي، وقال الأسنوي في الثاني: المعنى وسياق كلامهم يدلان عليه انتهى. والظاهر أن بهذا يحصل أصل فضيلة الجمع، وأما كمالها فلا بد من بقية شروط الاستنجاء بالحجر وقضية كلامهم أن أفضيلة الجمع لا فرق فيها بين البول والغائط، وبه صرح سليم وغيره وهو المعتمد، وإن جزم القفال باختصاصه بالغائط، وصوبه الأسنوي وشمل إطلاقه حجارة الذهب والفضة إذا كان كل منهما قالعا وحجارة الحرم، فيجوز الاستنجاء بها وهو الأصح. (ويجوز) له (أن يقتصر) فيه (على الماء) فقط لأنه الأصل في إزالة النجاسة (أو) يقتصر (على ثلاثة أحجار) لأنه (ص) جوزه بها حيث فعله كما رواه البخاري، وأمر بفعله بقوله فيما رواه الشافعي: وليستنج بثلاثة أحجار الموافق له ما رواه مسلم وغيره من نهيه (ص) عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار ويجب
(٤٨)