من أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستتر به فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم. من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج عليه ويحصل الستر براحلة أو وهدة أو إرخاء ذيله. هذا إذا كان بصحراء أو بنيان لا يمكن تسقيفه كأن جلس في وسط مكان واسع، فإن كان في بناء يمكن تسقيفه أي عادة كفى كما في أصل الروضة. قال في المجموع: وهذا الأدب متفق على استحبابه، ومحله إذا لم يكن ثم من لا يغض بصره عن نظر عورته ممن يحرم عليه نظرها، وإلا وجب الاستتار. وعليه يحمل قول النووي في شرح مسلم يجوز كشف العورة في محل الحاجة في الخلوة كحالة الاغتسال والبول ومعاشرة الزوجة، أما بحضرة الناس فيحرم كشفها ولا يبول في موضع هبوب الريح وإن لم تكن هابة إذ قد تهب بعد شروعه في البول فترد عليه الرشاش ولا في مكان صلب لما ذكر ولا يبول قائما لخبر الترمذي وغيره بإسناد جيد أن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثكم أن النبي (ص) كان يبول قائما فلا تصدقوه أي يكره له ذلك إلا لعذر فلا يكره ولا خلاف الأولى، وفي الاحياء عن الأطباء أو بولة في الحمام في الشتاء قائما خير من شربة دواء ولا يدخل الخلاء حافيا ولا مكشوف الرأس للاتباع. ويعتمد في قضاء الحاجة على يساره لأن ذلك أسهل لخروج الخارج، ويندب أن يرفع لقضاء الحاجة ثوبه عن عورته شيئا فشيئا إلا أن يخاف تنجس ثوبه فيرفع بقدر حاجته ويسبله شيئا فشيئا قبل انقضاء قيامه ولا يستنجي بماء في مجلسه إن لم يكن معدا لذلك أي يكره له ذلك لئلا يعود عليه الرشاش فينجسه بخلاف المستنجي بالحجر والمعد لذلك، وللمشقة في المعد لذلك ولفقد العلة في الاستنجاء بالحجر، ويكره أن يبول في المغتسل لقوله (ص): ولا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس منه ومحله إذا لم يكن ثم منفذ ينفذ منه البول والماء وعند قبر محترم احتراما له قال الأذرعي: وينبغي أن يحرم عند قبور الأنبياء وتشتد الكراهة عند قبور الأولياء والشهداء، قال:
والظاهر تحريمه بين القبور المتكرر نبشها لاختلاط ترابها بأجزاء الميت انتهى. وهو حسن ويحرم على القبر، وكذا في إناء في المسجد على الأصح، ويسن أن يستبرئ من البول عند انقطاعه بنحو تنحنح ونثر ذكر. قال في المجموع: والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الناس، والقصد أن يظن أنه لم يبق بمجرى البول شئ يخاف خروجه، فمنهم من يحصل هذا بأدنى عصر، ومنهم من يحتاج إلى تكرره، ومنهم من يحتاج إلى تنحنح، ومنهم من لا يحتاج إلى شئ من هذا، وينبغي لكل أحد أن لا ينتهي إلى حد الوسوسة، وإنما لم يجب الاستبراء - كما قال به القاضي والبغوي وجرى عليه النووي في شرح مسلم - لقوله (ص): تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه لأن الظاهر من انقطاع البول عدم عوده ويحمل الحديث على ما إذا تحقق أو غلب على ظنه بمقتضى عادته أنه لو لم يستبرئ خرج منه، ويكره حشو مخرج البول من الذكر بنحو القطن. وإطالة المكث في محل قضاء الحاجة، لما روي عن لقمان أنه يورث وجعا للكبد. ويندب أن يقول عند وصوله إلى مكان قضاء الحاجة: باسم الله - أي أتحصن من الشيطان - اللهم أي يا الله - إني أعوذ بك أي أعتصم بك - من الخبث - بضم الخاء والباء جمع خبيث - والخبائث