ما لو أحال المسلم المسلم إليه برأس المال وقبضه المسلم إليه في المجلس فلا يصح ذلك سواء أذن في قبضه المحيل أم لا، لأن الحوالة ليست قبضا حقيقيا، فإن المحال عليه يؤدي عن جهة نفسه لا عن جهة المسلم. نعم إن قبضه المسلم من المحال عليه أو من المسلم إليه بعد قبضه بإذنه وسلم إليه في المجلس صح. ولا يشترط تعيين رأس المال في العقد بل الصحيح جوازه في الذمة، فلو قال: أسلمت إليك دينارا في ذمتي في كذا ثم عين الدينار في المجلس قبل التخاير جاز ذلك لأن المجلس حريم العقد فله حكمه، فإن تفرقا أو تخايرا قبله بطل العقد.
(و) الثامن: (أن يكون العقد ناجزا لا يدخله خيار الشرط) لهما ولا لأحدهما لأنه لا يحتمل التأجيل، والخيار أعظم غررا منه لأنه مانع من الملك أو من لزومه واحترز بقيد الشرط عن خيار المجلس فإنه يثبت فيه لعموم قوله (ص): البيعان بالخيار ما لم يتفرقا والسلم بيع موصوف في الذمة كما مر.
تتمة: لو أحضر المسلم إليه المسلم فيه المؤجل قبل وقت حلوله فامتنع المسلم من قبوله لغرض صحيح بأن كان حيوانا يحتاج لمؤونة لها وقع أو وقت إغارة، أو كان ثمرا أو لحما يريد أكله عند المحل طريا، أو كان مما يحتاج إلى مكان له مؤونة كالحنطة الكثيرة لم يجبر على قبوله، فإن لم يكن للمسلم غرض صحيح في الامتناع، أجبر على قبوله سواء أكان للمؤدي غرض صحيح في التعجيل، كفك رهن أو ضمان أو مجرد براءة ذمته أم لا، كما اقتضاه كلام الروض لأن عدم قبوله له تعنت، فإن أصر على عدم قبوله أخذه الحاكم له، ولو أحضر المسلم فيه الحال في مكان التسليم لغرض غير البراءة أجبر المسلم على قبوله، أو لفرضها أجبر على القبول أو الابراء. ولو ظفر المسلم بالمسلم إليه بعد المحل في غير محل التسليم وطالبه بالمسلم فيه ولنقله مؤنة ولم يتحملها المسلم عن المسلم إليه لم يلزمه الأداء ولا يطالبه بقيمته، وإن امتنع المسلم. من قبوله في غير محل التسليم لغرض صحيح لم يجبر على قبوله لتضرره بذلك، فإن لم يكن له غرض صحيح أجبر على قبوله إن كان للمؤدي غرض صحيح كتحصيل براءة الذمة، ولو أنفق كون رأس مال السلم بصفة المسلم فيه فأحضره المسلم إليه وجب قبوله.
فصل: في الرهن وهو لغة: الثبوت ومنه الحالة الراهنة. وشرعا جعل عين مالية وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر وفائه. والأصل فيه قبل الاجماع قوله تعالى * (فرهان مقبوضة) * قال القاضي: معناه فارهنوا واقبضوا لأنه مصدر جعل جزاء للشرط بالفاء فجرى مجرى الامر كقوله تعالى: * (فتحرير رقبة مؤمنة) *