وكذا العرايا وهو بيع الرطب على النخل خرصا بتمر في الأرض كيلا، أو العنب على الشجر خرصا بزبيب في الأرض كيلا، فيما دون خمسة أوسق تحديدا بتقدير الجفاف بمثله لأنه (ص) أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق شك داود بن حصين أحد رواته، فأخذ الشافعي بالأقل في أظهر قوليه. ولو زاد على ما دونها في صفقتين جاز، ويشترط التقابض بتسليم التمر أو الزبيب إلى البائع كيلا، والتخلية في رطب النخل وعنب الكرم لأنه مطعوم بمطعوم.
ولا يجوز بيع مثل العرايا في باقي الثمار كالخوخ واللوز لأنها مبتورة بالأوراق، فلا يتأتى الخرص فيها ولا يختص بيع العرايا بالفقراء لاطلاق أحاديث الرخصة.
فصل: في السلم ويقال له السلف يقال: أسلم وسلم وأسلف وسلف والسلم لغة أهل الحجاز، والسلف لغة أهل العراق، قاله الماوردي. سمي سلما لتسليم رأس المال في المجلس، وسلفا لتقديم رأس المال. والأصل فيه قبل الاجماع قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين) * الآية.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت في السلم وخبر الصحيحين: من أسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم، وتقدم تعريف السلم في كلام المصنف أول البيوع. (ويصح السلم حالا ومؤجلا) بأن يصرح بهما أما المؤجل فبالنص والاجماع، وأما الحال فبالأولى لبعده عن الغرر. فإن قيل الكتابة لا تصح بالحال وتصح بالمؤجل، أجيب بأن الاجل فيها إنما وجب لعدم قدرة الرقيق والحلول ينافي ذلك. ويشترط تسليم رأس المال في مجلس العقد قبل لزمه، فلو تفرقا قبل قبض رأس المال أو ألزمه بطل العقد، أو قبل تسليم بعضه بطل فيما لم يقبض وفيما يقابله من المسلم فيه، فلو أطلق كأسلمت إليك دينارا في ذمتي في كذا ثم عين الدينار وسلم في المجلس قبل التخاير جاز ذلك لأن المجلس حريم العقد، ولو قبضه المسلم إليه في المجلس وأودعه المسلم قبل التفرق جاز لأن الوديعة لا تستدعي لزوم الملك. وكذا يجوز رده إليه عن دينه كما اقتضاه كلام أصل الروضة في باب الربا، ويجوز كون رأس المال منفعة. تقبض بقبض العين ورؤية رأس المال تكفي عن معرفة قدره. ولا يسلم إلا (فيما تكامل) أي اجتمع (