فصل: القول في شروط الصلاة والسنن أبعاض وهي التي تجبر بسجود السهو وهيئات وهي التي لا تجبر بسجود السهو. والركن كالشرط في أنه لا بد منه، ويفارقه بأن الشرط هو الذي يتقدم على الصلاة، ويجب استمراره فيها كالطهر والستر. والركن ما تشتمل عليه الصلاة كالركوع والسجود فخرج بتعريف الشرط التروك كترك الكلام، فليست بشروط، كما صوبه في المجموع بل مبطلة للصلاة كقطع النية، وقيل إنها شروط كما قاله الغزالي. ويشهد للأول أن الكلام اليسير ناسيا لا يضر ولو كان تركه من الشروط لضر.
فائدة: قد شبهت الصلاة بالانسان، فالركن كرأسه، والشرط كحياته، والبعض كأعضائه، والهيئة كشعره. وقد بدأ بالقسم الأول فقال: (وشرائط الصلاة) جمع شرط والشرط بسكون الراء لغة العلامة ومنه أشراط الساعة: أي علاماتها واصطلاحا ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، والمانع لغة الحائل واصطلاحا ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجوده ولا عدم لذاته كالكلام فيها عمدا، والمعتبر من الشروط لصحة الصلاة (قبل الدخول فيها) أي قبل التلبس بها (خمس). القول في طهارة الأعضاء من الحدث والجنس الأول: (طهارة الأعضاء من الحدث) الأصغر وغيره فلو لم يكن متطهرا عند إحرامه مع القدرة على الطهارة لم تنعقد صلاته، وإن أحرم متطهرا فإن سبقه الحدث غير الدائم بطلت صلاته لبطلان طهارته، ولو صلى ناسيا للحدث أثيب على قصده لا على فعله إلا القراءة ونحوها مما لا يتوقف على الوضوء فإنه يثاب على فعله أيضا. قال ابن عبد السلام: وفي إثابته على القراءة إذا كان جنبا نظر. اه. والظاهر عدم الإثابة. القول في تعريف الحدث لغة وشرعا والحدث لغة هو الشئ الحادث. واصطلاحا أمر اعتباري يقوم بالأعضاء يمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص، وهو كما قال ابن الرفعة معنى ينزل منزلة المحسوس، ولذلك يقال بتبعيضه وارتفاعه عن كل عضو (و) طهارة (النجس) الذي لا يعفى عنه في ثوبه أو بدنه حتى داخل أنفه أو فمه أو عينه أو أذنه أو مكانه الذي يصلي فيه، فلا تصح صلاته مع شئ من ذلك ولو مع جهله بوجوده أو بكونه مبطلا لقوله تعالى: * (وثيابك فطهر) * وإنما جعل داخل الانف والفم هنا كظاهرهما بخلاف غسل الجنابة لغلظ أمر النجاسة بدليل أنه لو وقعت نجاسة في عينه وجب غسلها ولا يجب غسلها في الطهارة، فلو أكل متنجسا لم تصح صلاته ما لم يغسل فمه، ولو رأينا في ثوب من يريد الصلاة نجاسة لا يعلم بها لزمنا إعلامه، لأن الامر بالمعروف لا يتوقف على العصيان قاله ابن عبد السلام. كما لو رأينا صبيا يزني بصبية فإنه يجب علينا منعهما، وإن لم يكن عصيان، واستثني من المكان ما لو كثر زرق الطيور، فإنه يعفى عنه للمشقة في الاحتراز عنه، وقيد في المطلب العفو بما إذا لم يتعمد المشي عليه. قال الزركشي: وهو قيد متعين وزاد غيره أن لا يكون رطبا أو رجله مبلولة.