الذي هو الأصل اه. وكلام الطاوسي هو المعتمد. ثم شرع في الجمع بالمطر فقال: (ويجوز للحاضر) أي المقيم (في المطر) ولو كان ضعيفا بحيث يبل الثوب ونحوه كثلج وبرد ذائبين (أن يجمع) ما يجمع بالسفر ولو جمعة مع العصر خلافا للروياني في منعه ذلك تقديما (في وقت الأولى منهما) لما في الصحيحين عن ابن عباس صلى رسول الله (ص) بالمدينة الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جمعا زاد مسلم من غير خوف ولا سفر. قال الشافعي كمالك: أرى ذلك في المطر ولا يجوز ذلك تأخيرا لأن استدامة المطر ليست إلى الجامع فقد ينقطع فيؤدي إلى إخراجها عن وقتها من غير عذر بخلاف السفر. وشرط التقديم أن يوجد نحو المطر عند تحرمه بهما ليقارن الجمع وعند تحلله من الأولى ليتصل بأول الثانية فيؤخذ منه اعتبار امتداده بينهما وهو ظاهر، ولا يضر انقطاعه في أثناء الأولى أو الثانية أو بعدهما. ويشترط أن يصلي جماعة بمصلى بعيد عن باب داره عرفا بحيث يتأذى بذلك في طريقه إليه بخلاف من يصلي في بيته منفردا أو جماعة أو يمشي إلى المصلى في كن، أو كان المصلى قريبا فلا يجمع لانتفاء التأذي وبخلاف من يصلي منفردا لانتفاء الجماعة فيه، وأما جمعه (ص) بالمطر مع أن بيوت أزواجه كانت بجنب المسجد فأجابوا عنه بأن بيوتهن كانت مختلفة وأكثرها كان بعيدا، فلعله حين جمع لم يكن بالقريب. وأجيب أيضا بأن للإمام أن يجمع بالمأمومين وإن لم يتأذ بالمطر صرح به ابن أبي هريرة وغيره. قال المحب الطبري: ولمن اتفق له وجود المطر وهو بالمسجد أن يجمع وإلا لاحتاج إلى صلاة العصر أو العشاء في جماعة وفيه مشقة في رجوعه إلى بيته ثم عوده، أو في إقامته وكلام غيره يقتضيه.
تنبيه: قد علم مما مر أنه لا جمع بغير السفر ونحو المطر كمرض وريح وظلمة وخوف ووحل وهو المشهور لأنه لم ينقل، ولخبر المواقيت فلا يخالف إلا بصريح. وحكي في المجموع عن جماعة من أصحابنا جوازه بالمذكورات قال: وهو قوي جدا في المرض والوحل واختاره في الروضة لكن فرضه في المرض وجرى عليه ابن المقري. قال في المهمات: وقد ظفرت بنقله عن الشافعي اه. وهذا هو اللائق بمحاسن الشريعة وقد قال الله تعالى * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * على ذلك يسن أن يراعى الأرفق بنفسه، فمن يحم في وقت الثانية يقدمها بشرائط جمع التقديم أو في وقت الأولى يؤخرها بالامرين المتقدمين، وعلى المشهور قال في المجموع: إنما لم يلحق الوحل بالمطر كما في عذر الجمعة والجماعة لأن تاركهما يأتي ببدلهما والجامع يترك الوقت بلا بدل، ولان العذر فيهما ليس مخصوصا بل كل ما يلحق به مشقة شديدة، والوحل منه وعذر الجمع مضبوط بما جاءت به السنة ولم تجئ بالوحل.
تتمة: قد جمع في الروضة ما يختص بالسفر الطويل وما لا يختص فقال: الرخص المتعلقة بالطويل أربع: القصر والفطر والمسح على الخف ثلاثة أيام والجمع على الأظهر، والذي يجوز في القصير أيضا أربع ترك الجمعة وأكل الميتة وليس مختصا بالسفر والتنفل على الراحلة على المشهور، والتيمم وإسقاط الفرض به على الصحيح فيهما، ولا يختص هذا بالسفر أيضا كما نبه عليه الرافعي. وزيد على ذلك صور منها ما لو سافر المودع ولم يجد المالك ولا وكيله ولا الحاكم ولا الأمين فله أخذها معه على الصحيح، ومنها ما لو استصحب معه ضرة زوجته بقرعة فلا قضاء عليه ولا يختص بالطويل على الصحيح، ووقع في المهمات تصحيح عكسه وهو كما قال الزركشي سهو.
فصل: في صلاة الجمعة بضم الميم وإسكانها وفتحها وحكي كسرها، وجمعها جمعات