لكل مسكين نصف صاع وتقدم في زكاة الفطر بيان الصاع وذلك لقوله تعالى * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه) * أي فحلق * (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) *.
فائدة: سائر الكفارات لا يزاد المسكين فيها على مد إلا في هذا. (والثالث الدم الواجب بالاحصار) وهو المنع من جميع الطرق عن إتمام الحج أو العمرة. وسكت المصنف عن بيان الدم هنا وهو دم ترتيب وتعديل كما سيأتي (فيتحلل) جوازا بما سيأتي لا وجوبا سواء أكان حاجا أم معتمرا أم قارنا، وسواء أكان المنع بقطع الطريق أم بغيره منع من الرجوع أم لا وذلك لقوله تعالى * (فإن أحصرتم) * أي وأردتم التحلل * (فما استيسر من الهدي) * إذ الاحصار بمجرده لا يوجب الهدي، والأولى للمحصر المعتمر الصبر عن التحلل وكذا الحاج إن اتسع الوقت وإلا فالأولى التعجيل لخوف الفوات. نعم إن كان في الحج وتيقن زوال الحصر في مدة يمكنه إدراك الحج بعدها أو في العمرة وتيقن قرب زواله وهو ثلاثة أيام امتنع تحلله كما قاله الماوردي وهذا أحد الموانع من إتمام النسك وهي ستة. وثاني الموانع الحبس ظلما كأن حبس بدين وهو معسر فإنه يجوز له أن يتحلل كما في الحصر العام، ولا تحلل بالمرض ونحوه كإضلال طريق فإن شرط في إحرامه أن يتحلل بالمرض ونحوه جاز له أن يتحلل بسبب (ويهدي) المحصر إذا أراد التحلل (شاة) أو ما يقوم مقامها من بدنة أو بقرة أو سبع إحداهما حيث أحصر في حل أو حرم، ولا يسقط عنه الدم إذا شرط عند الاحرام أنه يتحلل إذا أحصر بخلاف ما إذا شرط في المرض أنه يتحلل بلا هدي فإنه لا يلزمه لأن حصر العدو لا يفتقر إلى شرط، فالشرط فيه لاغ، ولو أطلق في التحلل من المرض بأن لم يشرط هديا لم يلزمه شئ بخلاف ما إذا شرط التحلل بالهدي فإنه يلزمه، ولا يجوز له الذبح بموضع من الحل غير الذي أحصر فيه كما ذكره في المجموع. وإنما يحصل التحلل بالذبح ونية التحلل المقارنة له لأن الذبح قد يكون للتحلل وقد يكون لغيره، فلا بد من قصد صارف، وكيفيتها أن ينوي خروجه عن الاحرام وكذا الحلق أو نحوه إن جعلناه نسكا وهو المشهور كما مر. ولا بد من مقارنة النية كما في الذبح ويشترط تأخره عن الذبح للآية السابقة، فإن فقد الدم حسا كأن لم يجد ثمنه أو شرعا كأن احتاج إلى ثمنه أو وجده غاليا فالأظهر أن له بدلا قياسا على دم التمتع وغيره. والبدل طعام بقيمة الشاة فإن عجز عن الطعام صام حيث شاء عن كل مد يوما قياسا على الدم الواجب بترك المأمور به، وله إذا انتقل إلى الصوم التحلل في الحال بالحلق بنية التحلل عنده لأن التحلل إنما شرع لدفع المشقة لتضرره بالمقام على الاحرام. وثالث الموانع الرق، فإذا أحرم الرقيق بلا إذن سيده فله تحليله بأن يأمره بالتحلل لأن إحرامه بغير إذنه حرام لأنه يعطل عليه منافعه التي يستحقها، فإنه قد يريد منه ما لا يباح للمحرم