(إن كان الصيد) المقتول أو المزمن (مما له مثل) شبه صوري من النعم. وذكر المصنف الأول من هذه الثلاثة في قوله (أخرج المثل من النعم) أي يذبح المثل من النعم ويتصدق به على مساكين الحرم وفقرائه، ففي إتلاف النعامة ذكرا كان أو أنثى بدنة كذلك فلا تجزئ بقرة ولا سبع شياه أو أكثر لأن جزاء الصيد يراعى فيه المماثلة، وفي واحد من بقر الوحش أو حماره بقرة، وفي الغزال وهو ولد الظبية إلى أن يطلع قرناه معز صغير، ففي الذكر جدي وفي الأنثى عناق، فإن طلع قرناه سمي الذكر ظبيا والأنثى ظبية، وفيها عنز وهي أنثى المعز التي تم لها سنة، وفي الأرنب عناق وهي أنثى المعز إذا قويت ما لم تبلغ سنة، وفي اليربوع جفرة وهي أنثى المعز إذا بلغت أربعة أشهر، وفي الضبع كبش، وفي الثعلب شاة وما لا نقل فيه من الصيد عمن سيأتي يحكم فيه بمثله من النعم عدلان لقوله تعالى * (يحكم به ذوا عدل منكم) * الآية. والعبرة بالمماثلة بالخلقة والصورة تقريبا لا تحقيقا، فأين النعامة من البدنة لا بالقيمة فيلزم في الكبير كبير، وفي الصغير صغير، وفي الذكر ذكر، وفي الأنثى أنثى وفى الصحيح صحيح وفي المعيب معيب إن اتحد جنس العيب، وفي السمين سمين، وفي الهزيل هزيل. ولو فدى المريض بالصحيح أو المعيب بالسليم أو الهزيل بالسمين فهو أفضل، ويجب أن يكون العدلان فقيهين فطنين لأنهما حينئذ أعرف بالشبه المعتبر شرعا. وما ذكر من وجوب الفقه محمول على الفقه الخاص بما يحكم به هنا وما في المجموع عن الشافعي والأصحاب من أن الفقه مستحب محمول على زيارته.
تنبيه: لو حكم عدلان بأن له مثلا وعدلان بعدمه فهو مثلي كما جزم به في الروضة، ولو حكم عدلان بمثل وآخران بمثل آخر تخير على الأصح. ثم ذكر الثاني من الثلاثة في قوله (أو قومه) أي المثل بدراهم بقيمة مثله بمكة يوم الاخراج (واشترى بقيمته) أي بقدرها (طعاما) مجزئا في الفطرة أو مما هو عنده (وتصدق به) أي الطعام وجوبا على مساكين الحرم وفقرائه القاطنين وغيرهم، ولا يجوز له التصدق بالدراهم. ثم ذكر الثالث من الثلاثة في قوله (أو صام عن كل مد) من الطعام (يوما) في أي مكان كان (وإن كان الصيد) الذي وجب فيه الدم (مما لا مثل له) مما لا نقل فيه كالجراد وبقية الطيور ما عدا الحمام كما سيأتي سواء كان أكبر جثة من الحمام أم لا، (أخرج بقيمته) أي بقدرها (طعاما) وإنما لزمته القيمة عملا بالأصل في المتقومات، وقد حكمت الصحابة بها في الجراد ولأنه مضمون لا مثل له، فضمن بالقيمة كمال الآدمي ويرجع في القيمة إلى عدلين، أما ما لا مثل له مما فيه نقل والحمام وهو ما عب أي شرب الماء بلا مص وهدر أي رجع صوته وغرد كاليمام والقمري والفاختة وكل مطوق ففي الواحدة منه شاة من ضأن أو معز بحكم الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وفي مستندهم وجهان أصحهما توقيف بلغهم فيه والثاني ما بينهما من الشبه وهو ألف البيوت وهذا إنما يأتي في بعض أنواع الحمام إذ لا يتأتى في الفواخت ونحوها، ويتصدق بالطعام على مساكين الحرم وفقرائه كما مر (أو صام عن كل مد) من الطعام (يوما) في أي موضع كان قياسا على المثلي.
تنبيه: تعتبر قيمة المثلي والطعام في الزمان بحالة الاخراج على الأصح وفي المكان بجميع الحرم لأنه محل الذبح لا بمحل الاتلاف على المذهب، وغير المثلي تعتبر قيمته في الزمان بحالة الاتلاف لا الاخراج