إلى الحل، فيجب رده إلى الحرم بخلاف ماء زمزم فإنه يجوز نقله، ويحرم أخذ طيب الكعبة، فمن أراد التبرك مسحها بطيب نفسه ثم يأخذه، وأما سترها فالامر فيه إلى رأي الإمام يصرفه في بعض مصاريف بيت المال بيعا وعطاء لئلا يتلف بالبلى وبهذا قال ابن عباس وعائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهم، وجوزوا لمن أخذه لبسه ولو جنبا أو حائضا. (والمحل والمحرم في ذلك) أي في تحريم صيد الحرم وقطع شجره والضمان (سواء) بلا فرق لعموم النهي.
قاعدة نافعة فيما سبق: ما كان محضا كالصيد وجبت الفدية فيه مع الجهل والنسيان، وما كان استمتاعا أو ترفها كالطيب واللبس فلا فدية فيه مع الجهل والنسيان، وما كان فيه شائبة من الجانبين كالجماع والحلق والقلم ففيه خلاف والأصح في الجماع عدم وجوب الفدية مع الجهل والنسيان، وفي الحلق والقلم الوجوب معهما.
خاتمة: حيث أطلق في المناسك الدم فالمراد به كدم الأضحية، فتجزئ البدنة أو البقرة عن سبعة دماء وإن اختلفت أسبابها، فلو ذبحها عن دم، واجب فالفرض سبعها فله إخراجه عنه وأكل الباقي إلا في جزاء الصيد المثلي فلا يشترط كونه كالأضحية، فيجب في الصغير صغير وفي الكبير كبير وفي المعيب معيب كما مر بل لا تجزئ البدنة عن شاة. وحاصل الدماء ترجع باعتبار حكمها إلى أربعة أقسام: دم ترتيب وتقدير دم ترتيب وتعديل دم تخيير وتقدير دم تخيير وتعديل. القسم الأول: يشتمل على دم التمتع والقران والفوات والمنوط بترك مأمور به وهو ترك الاحرام من الميقات والرمي والمبيت بمزدلفة ومنى وطواف الوداع، فهذه الدماء دماء ترتيب بمعنى أنه يلزمه الذبح ولا يجزئه العدول إلى غيره إلا إذا عجز عنه، وتقدير بمعنى أن الشرع قدر ما يعدل إليه بما لا يزيد ولا ينقص. والقسم الثاني: يشتمل على دم الجماع فهو دم ترتيب وتعديل، بمعنى أن الشرع أمر فيه بالتقويم والعدول إلى غيره بحسب القيمة فيجب فيه بدنة ثم بقرة ثم سبع شياه، فإن عجز قوم البدنة بدراهم واشترى بها طعاما وتصدق به، فإن عجز صام عن كل مد يوما ويكمل المنكسر كما مر، وعلى دم الاحصار فعليه شاة ثم طعام بالتعديل، فإن عجز صام عن كل مد يوما. والقسم الثالث: يشتمل على دم الحلق والقلم فيتخير إذا حلق ثلاث شعرات أو قلم ثلاثة أظفار ولاء بين ذبح دم وإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وصوم ثلاثة أيام، وعلى دم الاستمتاع وهو التطيب والدهن - بفتح الدال - للرأس واللحية وبعض شعر الوجه على خلاف تقدم واللبس ومقدمات الجماع والاستمناء والجماع غير المفسد. والقسم الرابع: يشتمل على جزاء الصيد والشجر، فجملة هذه الدماء عشرون دما وكلها لا تختص بوقت كما مر وتراق في النسك الذي وجبت فيه ودم الفوات يجزئ بعد دخول وقت الاحرام بالقضاء كالمتمتع إذا فرغ من عمرته فإنه يجوز له أن يذبح قبل الاحرام بالحج وهذا هو المعتمد، وإن قال ابن المقري لا يجزئ إلا بعد الاحرام بالقضاء وكلها وبدلها من الطعام تختص تفرقته بالحرم على مساكينه. وكذا يختص به الذبح إلا المحصر فيذبح حيث أحصر كما مر، فإن عدم المساكين في الحرم أخره كما مر حتى يجدهم كمن نذر التصدق على فقراء بلد فلم يجدهم. ويسن لمن قصد مكة بحج أو عمرة أن يهدي إليها شيئا من النعم لخبر الصحيحين أنه (ص) أهدى في حجة الوداع مائة بدنة. ولا يجب ذلك إلا بالنذر. ويسن أن يقلد البدنة أو البقرة نعلين من النعال التي تلبس في الاحرام ويتصدق بهما بعد ذبحها، ثم يجرح صفحة سنامها اليمنى بحديدة مستقبلا بها