لا يعضد شجره ولا ينفر صيده أي لا يجوز تنفير صيده لمحرم ولا لحلال، فغير التنفير أولى. وقيس بمكة باقي الحرم فإن أتلف فيه صيدا ضمنه كما مر في المحرم، وأما حرم المدينة فحرام لقوله (ص) إن إبراهيم حرم مكة. وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها ولكن لا يضمن في الجديد لأنه ليس محلا للنسك بخلاف حرم مكة (ولا) يجوز (قطع) ولا قلع (شجره) أي حرم مكة والمدينة لما مر في الحديثين السابقين، وسواء في الشجر المستنبت وغيره لعموم النهي، ومحل ذلك في الشجر الرطب غير المؤذي، أما اليابس والمؤذي: كالشوك والعوسج وهو ضرب من الشوك فيجوز قطعه.
تنبيه: علم من تعبيره بالقطع تحريم قلعه من باب أولى، وخرج بالحرم شجر الحل إذا لم يكن بعض أصله في الحرم فيجوز قطعه وقلعه ولو بعد غرسه في الحرم بخلاف عكسه عملا بالأصل في الموضعين، أما ما بعض أصله في الحرم فيحرم تغليبا للحرم، وخرج بتقييد غير المستنبت بالشجر الحنطة ونحوها كالشعير والخضراوات فيجوز قطعها وقلعها مطلقة بلا خلاف كما قاله في المجموع.
تنبيه: سكت المصنف عن ضمان شجر حرم مكة، فيجب في قطع أو قلع الشجرة الحرمية الكبيرة بأن تسمى كبيرة عرفا بقرة سواء أخلفت أم لا. قال في الروضة كأصلها: والبدنة في معنى البقرة، وفي الصغيرة إن قاربت سبع الكبيرة شاة، فإن صغرت جدا ففيها القيمة، ولو أخذ غصنا من شجرة حرمية فأخلف مثله في سنته بأن كان لطيفا كالسواك فلا ضمان فيه، فإن لم يخلف أو أخلف لا مثله أو مثله لا في سنته فعليه الضمان، والواجب في غير الشجر من النبات القيمة لأنه القياس ولم يرد نص يدفعه، ويحل أخذ نباته لعلف البهائم وللدواء كالحنظل وللتغذي كالرجلة للحاجة إليه، ولان ذلك في معنى الزرع ولا يقطع لذلك إلا بقدر الحاجة، ولا يجوز قطعه للبيع ممن يعلف به لأنه كالطعام الذي أبيح أكله لا يجوز بيعه. ويؤخذ منه أنا حيث جوزنا أخذ السواك كما سيأتي لا يجوز بيعه، ويجوز رعي حشيش الحرم وشجره كما نص عليه في الام بالبهائم، ويجوز أخذ أوراق الأشجار بلا خبط لئلا يضر بها وخبطها حرام كما في المجموع نقلا عن الأصحاب ونقل اتفاقهم على أنه يجوز أخذ ثمرها وعود السواك ونحوه، وقضيته أنه لا يضمن الغصن اللطيف وإن لم يخلف. قال الأذرعي: وهو الأقرب ويحرم أخذ نبات حرم المدينة ولا يضمن، ويحرم صيد الطائف ونباته ولا ضمان فيهما قطعا.
فائدة: يحرم نقل تراب من الحرمين أو أحجار أو عمل من طين أحدهما كالأباريق وغيرها