الديات في ذمته يلقى الله تعالى بها، فعلى هذا إن قتلهم مرتبا، قتل بالأول، وإن قتلهم معا، أقرع، وقتل بمن خرجت قرعته، ولو عفا ولي الأول، أو ولي من خرجت قرعته على مال، تعلق المال برقبته، وللثاني قتله وإن بطل حق الأول، لان تعلق المال لا يمنع القصاص، كجناية المرهون، وإن عفا الثاني أيضا على مال، تعلق المالان برقبته ولا يرجح بالتقدم، كما لو أتلف أموالا لجماعة في أزمنة.
فرع إذا تمالا على الجاني أولياء القتيل، فقتلوه جميعا، فثلاثة أوجه، أصحها: يقع القتل موزعا على جميعهم، ويرجع كل واحد بقسط ما بقي من ديته، والثاني: يقرع ويجعل القتل واقعا عمن خرجت قرعته، وللباقين الديات، والثالث قاله الحليمي: يكتفى به عن جميعهم، ولا رجوع إلى شئ من الدية.
فرع قتل رجلا، وقطع طرف آخر، وحضر المستحقان، يقطع طرفه، ثم يقتل، سواء تقدم قتله، أم قطعه ليجمع بين الحقين، وإن قطع يمين زيد، ثم أصبعا من يمين عمرو، وحضرا، قطعت يمينه لزيد ويأخذ عمرو دية الإصبع، فإن عفا زيد، قطعت أصبعه لعمرو، وإن كان قطع الإصبع أولا، قطعت أصبعه للأول، ويأخذ الثاني دية اليد، وإن شاء، قطع ما بقي من يد الجاني، وأخذ دية الإصبع، وإن وقع القطعان معا، أقرع، فمن خرجت قرعته مكانه يقدم قطعه.
فصل ليس لمستحق القصاص استيفاؤه إلا بإذن الإمام أو نائبه، وعن أبي إسحاق ومنصور التميمي أن المستحق يستقل بالاستيفاء كالأخذ بالشفعة وسائر الحقوق، والصحيح المنصوص الأول، وسواء فيه قصاص النفس والطرف، وإذا استقل به عزر، لكنه لا غرم عليه، ويقع عن القصاص، ولو استقل المقذوف باستيفاء حد القذف بإذن القاذف، أو بغير إذنه، ففي الاعتداد به وجهان، فإن قلنا: لا يعتد به، ترك حتى يبرأ ثم يحد، ولو مات منه، وجب القصاص إن جلده بغير إذنه، وإن كان بإذنه، فلا قصاص، وفي الدية خلاف، كما لو قتله بإذنه، ثم إذا طلب المستحق أن يستوفي القصاص بنفسه، فإن لم يره أهلا له كالشيخ والزمن