وفي صورة مروق السهم حصل جنايتان لا تتعلق إحداهما بالأخرى، قال الامام: ولو قال المدعي: أصاب سهمه الرجل الذي قصده، ونفذ منه إلى أبي فقتله، ولم تكن الجناية الأولى متعلق حق المدعي، وجب القطع بثبوت الخطأ بالبينة الناقصة، ومحل الخلاف ما إذا كانت الجناية الأولى متعلق حق المدعي، قال: وفيه احتمال، قال: ولو ادعى أنه أوضح رأسه، ثم عاد وهشمه، ينبغي أن يثبت أرش الهاشمة برجل وامرأتين، لأنها لم تتصل بالموضحة، ولم تتحد الجناية، قال: ولو ادعى القصاص مالا من جهة لا تتعلق بالقصاص، وأقام على الدعويين رجلا وامرأتين، فالمذهب ثبوت المال، وبه قطع الجمهور، وأبعد بعضهم فخالف فيه، وفي الوسيط أنه لا خلاف أنه لو ادعى قتل عمرو خطأ، فشهدوا، وذكروا مروق السهم إليه من زيد لا يقدح في الشهادة، لأن زيدا ليس مقصودا بها، فإذا أثبتنا الهاشمة المسبوقة بإيضاح، وأوجبنا أرشها، قال صاحب التقريب: في وجوب القصاص في الموضحة وجهان، وجه الوجوب التبعية للهاشمة، وقال الشيخ أبو علي والأئمة:
لا قصاص في الموضحة، وفي أرشها وجهان، لأنا وجدنا متعلقا لثبوت المال، فلا يبعد أن يستتبع مال مالا.
فصل لتكن الشهادة على الجناية مفسرة مصرحة بالغرض، فيشترط أن يضيف الهلاك إلى فعل المشهود عليه، فلو قال: ضربه بالسيف، لم يثبت به شئ، ولو قال: ضربه فأنهر الدم، أو قال: جرحه أو ضربه بالسيف فأنهر الدم، أو فمات، لم يثبت به شئ أيضا لاحتمال الموت بسبب آخر، ولو قال: جرحه، فقتله، أو فمات من جراحته، أو أنهر دمه فمات بسبب ذلك، ثبت القتل، وفي معناه قوله: جرحه أو ضربه بالسيف فأنهر دمه ومات مكانه، نص عليه في المحتصر وجعل قوله: ومات مكانه، كقوله: ومات من جراحته، وفي لفظ الامام ما يشعر بنزاع فيه، ثم الشاهد يعرف حصول القتل بقرائن يشاهدها، فإن لم ير إلا الجرح وإنهار الدم، وحصول الموت، فللامام تردد في جواز تحمل الشهادة به، قال: والوجه: المنع، ولو قال: ضرب رأسه فأدماه، أو أسال دمه، ثبتت الدامية فمال دمه، لم يثبت، لاحتمال حصول السيلان بغيره،