ولو قال: ضربه بسيف، فأوضح رأسه، أو فاتضح من ضربه أو بجرحه، ثبتت الموضحة، ولو قال: ضربه، فوجدنا رأسه موضحا، أو فاتضح، لم تثبت، وحكى الامام والغزالي أنه يشترط التعرض لوضوح العظم، ولا يكفي إطلاق الموضحة، فإنها من الايضاح، وليست مخصوصة بإيضاح العظم، وتنزيل لفظ الشاهد على ألقاب اصطلح الفقهاء عليها لا وجه له، فلو كان الشاهد فقيها، وعلم القاضي أنه لا يطلق الموضحة إلا على ما يوضح العظم، ففيه تردد للامام، قال:
يجوز أن يكتفى به، لفهم المقصود، ويجوز أن يعتبر الكشف لفظا، لأن للشرع تعبدا في لفظ الشهادات وإن أفهم غيرها المقصود، ولا بد من تعيين محل الموضحة وبيان مساحتها ليجب القصاص، فلو كان على رأسه مواضح، وعجزوا عن تعيين موضحة المشهود عليه، فلا قصاص، ولو لم يكن على رأسه إلا موضحة، وشهدوا أنه أوضح رأسه، فلا قصاص أيضا، لجواز أنها كانت موضحة صغيرة فوسعها، وإنما يجب القصاص إذا قالوا: أوضح هذه الموضحة، وهل يجب الأرش إذا أطلقوا أنه أوضح موضحة، وعجزوا عن تعيينها؟ وجهان، أصحهما:
نعم، لأن الأرش لا يختلف باختلاف محلها وقدرها، وإنما تعذر القصاص لتعذر المماثلة، ويدل عليه نصه في الام أنهما لو شهدا أنه قطع يد فلان، ولم يعينها، والمشهود له مقطوع اليدين، لا يجب القصاص، وتجب الدية، ولو كان مقطوع يد واحدة والصورة هذه، فهل تنزل شهادتهم هذه على ما نشاهدها مقطوعة أم يشترط تنصيصهم؟ يجوز أن يقدر فيه خلاف.
قلت: الصواب الجزم هنا بالتنزيل على المقطوعة. والله أعلم.
ولو شهدا بموضحة شهادة صحيحة، ورأينا رأس المشجوج سليما لا أثر عليه، والعهد قريب بالشهادة، فالشهادة مردودة.
فصل سيأتي في الشهادات إن شاء الله تعالى أنه من شرط الشاهد أن ينفك عن التهمة، ومن التهمة أن يجر إلى نفسه نفعا، أو يدفع ضرا، ومن صور الجر أن يشهد على جرح مورثه، فإذا ادعى على شخص أنه جرحه، وشهد للمدعي وارثه، نظر، إن كان من الأصول أو الفروع، لم تقبل شهادته للبعضية، وإن كان من غيرهم