كلام مفهوم، فأما إذا لم يبق في البقية كلام مفهوم، فوجهان، أحدهما: يجب كمال الدية، قاله أبو إسحاق والقفال، وجزم به البغوي، وذكر الروياني أنه المذهب، والثاني: لا يلزمه إلا قسط الحروف الفائتة، قال المتولي: وهو المشهور، ونصه في الام: ولو ضرب شفتيه، فأذهب الحروف الشفهية، أو رقبته، فأذهب الحروف الحلقية، قال المتولي: إن قلنا بقول الإصطخري، وجبت الحكومة فقط، وإن قلنا بقول الأكثرين، وجب قسط الذاهب من جميع الحروف، وذكر ابن كج أنه لو قطع شفتيه، فأذهب الباء والميم، فقال الإصطخري: يجب مع دية الشفتين أرش الحرفين، وقال ابن الوكيل: لا يجب غير الدية، كما لو قطع لسانه فذهب كلامه، لا يجب إلا الدية.
فرع جنى على لسانه فصار يبدل حرفا بحرف، وجب قسط الحرف الذي أبطله، ولو ثقل لسانه بالجناية، أو حدثت في كلامه عجلة، أو تمتمة، أو فأفأة، أو كان ألثغ، فزادت لثغته، فالواجب الحكومة لبقاء المنفعة.
فرع من لا يحسن بعض الحروف كالأرت والألثغ الذي لا يتكلم إلا بعشرين حرفا مثلا، إذا أذهب كلامه وجهان، أصحهما: يجب كمال الدية، فعلى هذا لو أذهب بعض الحروف، وزع على ما يحسنه، لا على الجميع، والثاني: لا يجب إلا قسطها من جميع الحروف، وفي بعضها بقسطه من الجميع، فعلى هذا لو كان يقدر على التعبير عن جميع مقاصده لفطنته واستمداده من اللغة، لم تكمل الدية أيضا على الأصح، لأن قدرته لحذقه لا بالكلام، هذا إذا كان نقص حروفه خلقة، أو حدث بآفة سماوية، فلو حدث بجناية، فالمذهب أنه لا تكمل الدية، لئلا يتضاعف الغرم في القدر الذي أبطله الجاني الأول.
فرع في الجناية على محل ناقص المنفعة أو الجرم، أما المنافع التي لا