فصل إنما يقوم لمعرفة الحكومة بعد اندمال الجراحة، ونقصان القيمة حينئذ قد يكون لضعف ونقص في المنفعة، وقد يكون لنقص الجمال باعوجاج، أو أثر قبيح، أو شين من سواد وغيره، فلو اندملت الجراحة ولم يبق نقص في منفعة ولا في جمال ولم تنقص القيمة، فوجهان أحدهما وينسب إلى ابن سريج: لا شئ عليه سوى التعزير، كما لو لطمه، أو ضربه بمثقل، فزال الألم، ولم ينقص منفعة ولا جمال، وأصحهما عند الأكثرين، وبه قال أبو إسحاق، وهو ظاهر النص: أنه لا بد من وجوب شئ، فعلى هذا وجهان، أحدهما: يقدر الحاكم شيئا باجتهاده بأن ينظر إلى خفة الجناية وفحشها في المنظر سعة أو غوصا وقدر الآلام المتولدة، وأصحهما:
أنه ينظر إلى ما قبل الاندمال من الأحوال التي تؤثر في نقص القيمة ويعتبر أقربها إلى الاندمال، فإن لم يظهر نقص إلا في حال سيلان الدم، ترقبنا واعتبرنا القيمة والجراحة السائلة، فإن فرضت الجراحة خفيفة لا تؤثر في تلك الحالة أيضا، ففي الوسيط أنا نلحقها باللطم والضرب للضرورة، وفي التتمة أن الحاكم يوجب شيئا بالاجتهاد، ولو قطع أصبعا أو سنا زائدة أو أتلف لحية امرأة، وأفسد منبتها، ولم تنقص القيمة بذلك، وربما زادت لزوال الشين، فهل يجب شئ؟ فيه الوجهان في أصل المسألة، فإن أوجبنا، فهو الأصح، فقيل: يجتهد الحاكم فيه، والأصح: أنه يعتبر في قطع الإصبع الزائدة أقرب أحوال النقص من الاندمال كما سبق، وفي السن يقوم وله سن زائدة نابتة فوق الأسنان ولا أصلية خلفها، ثم يقوم مقلوع تلك الزائدة، ويظهر التفاوت، لأن الزائدة تسد الفرجة ويحصل بها نوع جمال، وفي لحية المرأة تقدر كونها لحية عبد كبير يتزين باللحية، ولو قطع أنملة لها شعبتان، أصلية وزائدة، قدر الحاكم للزائدة شيئا بالاجتهاد، ولو ضربه بسوط أو غيره أو لطمه ولم يظهر أثر، لم يتعلق به ضمان، فإن اسود أو اخضر وبقي الأثر بعد الاندمال، وجبت الحكومة، فإن زال الأثر بعد أخذ الحكومة، وجب ردها وضبطت