تتقدر تقدر النطق بالحروف كالبطش والبصر، فإن كان النقص فيها بآفة، فلا اعتبار به، ويجب على من أبطلها الدية الكاملة، وكذا من قطع العضو الذي هو محل تلك ا لمنفعة، لأنه لا ينضبط ضعفها وقوتها، وإن كان النقص بجناية، فأوجه، أصحها:
لا تكمل الدية بل يحط منها قدر الحكومة التي غرمها الأول عن مبطل المنفعة الناقصة لتجانس جنايته وجناية الأول، وأما الإجرام، فإن كان لما نقص أرش مقدر لزم الثاني دية يحط منها أرش ما نقص، سواء حصل النقص بآفة أم بجناية، فلو سقطت أصبعه، أو أنملته بآفة، ثم قطعت يده، حط من دية اليد أرش الإصبع أو الأنملة، ولو جرح رأسه متلاحمة، فجعلها آخر موضحة، لزم الثاني أرش موضحة يحط منه واجب المتلاحمة، سواء قدرنا واجبها، أم أوجبنا فيها الحكومة، ولو التأمت المتلاحمة، واكتسى موضعها بالجلد لكن بقي غائرا، فأوضح فيه آخر، فالصحيح أن حكم ذلك الجرح قد سقط، وعلى من أوضح أرش كامل، أما إذا لم يكن لما نقص أرش مقدر، كفلقة تنفصل من لحم الأنملة، فإن لم تؤثر في المنفعة، لم تنقص به الدية، وإن وجب فيه حكومة للشين، وسواء حصل ذلك بآفة أم بجناية وإن أثر في المنفعة، فإن حصل بآفة لم تنقص الدية، وإن حصل بجناية، ففيه احتمالان للامام، أقربهما: يحط عن الثاني قدر حكومة الأول.
فصل نزل العلماء النطق في اللسان منزلة البطش في اليد والرجل، فقالوا: إذا استأصل لسانه بالقطع وأبطل كلامه، لم يلزمه إلا دية واحدة، ولو قطع عذبة اللسان، وبطل الكلام، فكذلك، كما لو قطع أصبعا من اليد فشلت، ولو قطع بعض اللسان، فذهب بعض الكلام، نظر، إن تساوت نسبة جرم اللسان والكلام، بأن قطع نصف لسانه، فذهب نصف كلامه، وجب نصف الدية، وإن اختلفت بأن قطع الربع فذهب نصف الكلام أو عكسه، وجب نصف الدية قطعا، واختلفوا في علته، فقال الجمهور: اللسان مضمون بالدية ومنفعته أيضا كذلك، فوجب أكثرهما، وقال أبو إسحاق: الاعتبار بالجرم، لأنه الأصل وفيه تقع الجناية، قال: وإنما وجب نصف الدية في قطع ربعه إذا ذهب نصف الكلام، لأنه قطع ربعا، وأشل ربعا، وتظهر فائدة الخلاف في صور، إحداها: قطع نصفه، فذهب