من السمع من الدية، ولو قطع الاذن، وبطل السمع، وجب ديتان، لأن السمع ليس في الاذن، ولو جنى عليه، فصار لا يسمع في الحال، لكن قال أهل الخبرة:
يتوقع عوده، نظر، إن قدروا مدة، انتظرناها، فإن لم يعد، أخذت الدية، واستثنى الامام ما إذا قدروا مدة يغلب على الظن انقراض العمر قبل فراغها، وقال:
الوجه أن تؤخذ الدية ولا ينتظر هذه المدة، وإن لم يقدروا مدة: أخذت الدية في الحال، فإن عاد، ردت، لأنه بان أنه لم يزل، وإن قال أهل الخبرة: لطيفة السمع باقية في مقرها، ولكن ارتتق داخل الاذن بالجناية وامتنع نفوذ الصوت، ولم يتوقعوا زوال الارتتاق، فالواجب الحكومة على الأصح، وقيل: الدية، ويجري الوجهان فيما لو أذهب سمع صبي فتعطل لذلك نطقه، فإن الطفل يتدرج إلى النطق تلقيا مما يسمع أنه هل تجب دية للنطق مضمومة إلى دية السمع؟
فرع أنكر الجاني زوال السمع، امتحن المجني عليه، بأن يصاح به في نومه وحال غفلته صياحا منكرا، وبأن يتأمل حاله عند صوت الرعد الشديد، فإن ظهر منه انزعاج واضطراب، علمنا كذبه، ومع ذلك يحلف الجاني لاحتمال أن الانزعاج بسبب آخر اتفاقي، وإن لم يظهر عليه أثر، علمنا صدقه ومع ذلك يحلف لاحتمال أنه يتجلد، وإن ادعى ذهاب سمع إحدى الاذنين، حشيت السليمة وامتحن في الأخرى على ما ذكرناه.
فرع نقص سمعه من الاذنين، نظر، إن عرف قدر ما نقص، بأن علم أنه كان يسمع من موضع فصار يسمع من دونه، ضبط ما نقص، ووجب قسطه من الدية، وإن لم يعلم ولكن نقص سمعه، وثقلت أذنه، قال الأكثرون: تجب فيه حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده، وذكر الامام وغيره، أنه يقدر بالاعتبار بسليم السمع في مثل سنه وصحته، بأن يجلس بجنب المجني عليه، ويؤمر من يرفع صوته، ويناديهما من مسافة بعيدة لا يسمعه واحد منهما، ثم يقرب المنادي شيئا فشيئا إلى أن يقول السليم: سمعت، فيعرف الموضع، ثم يديم المنادي ذلك الحد من رفع الصوت ويقرب إلى أن يقول المجني عليه: سمعت، فيضبط ما بينهما من