الحال، فإن لم يشرع في القتال، ولم يحضر الوقعة لزمه الانصراف إلا أن يخاف على نفسه أو ماله أو يخاف انكسار قلوب المسلمين، فلا يلزمه، فإن لم يمكنه الانصراف للخوف، وأمكنه أن يقيم في قرية في الطريق حتى يرجع الجيش، لزمه أن يقيم، وأوهم في الوسيط خلافا في وجوب الإقامة هناك، وحكى ابن كج قولا أنه لا يلزمه الانصراف، والمشهور الأول، وإن علم بعد الشروع في القتال، فأربعة أوجه، أصحها: تجب المصابرة، ويحرم الانصراف، والثاني: يجب الانصراف، والثالث: يتخير بين الانصراف والمصابرة، والرابع: يجب الانصراف إن رجع صاحب الدين دون الأبوين إن رجع، لعظم شأن الدين ومن شرط عليه الاستئذان، فخرج بلا إذن، لزمه الانصراف ما لم يشرع في القتال، لأن سفره سفر معصية إلا أن يخاف على نفسه أو ماله، فإن شرع في القتال، فوجهان مرتبان، وهذه الصورة أولى بوجوب الانصراف، لأن أول الخروج معصية، ولو خرج عبد بغير إذن سيده، لزمه الانصراف ما لم يحضر الوقعة، فإن حضر، فلا، قال الروياني:
يستحب الرجوع.
فرع لو مرض من خرج للجهاد أو عرج، أو فني زاده، أو هلكت دابته، فله أن ينصرف ما لم يحضر الوقعة، وكذا الحكم لو كان العذر حاصلا وقت الخروج، فإن حضر الوقعة، فهل يلزمه الثبات أم له الرجوع؟ وجهان، أصحهما:
الثاني، قال الامام: والوجهان إذا لم يورث انصرافه فشلا في الجند، فإن أورثه، حرم الرجوع قطعا، وفي التهذيب في صورة موت الدابة يلزمه القتال راجلا إن أمكنه ذلك، وإلا فلا، وقيل: إذا انقطع عنه سلاحه، أو انكسر، لزمه القتال بالحجارة إن أمكنه.
فرع حيث جوزنا الانصراف لرجوع الأبوين أو صاحب الدين عن الاذن، أو لحدوث المرض ونحوه، فليس للسلطان حبسه، قال الشافعي رحمه الله: إلا أن يتفق ذلك لجماعة، ويخشى من انصرافهم خلل في المسلمين، ولو انصرف لذهاب نفقة، أو هلاك دابة، ثم قدر على النفقة والدابة في بلاد الكفار، لزمه الرجوع للجهاد، وإن كان فارق بلاد الكفر، لم يلزمه الرجوع، وعن نصه أن من خرج للجهاد، وبه عذر مرض وغيره، ثم زال عذره، وصار من أهل فرض الجهاد، لم يكن له الرجوع عن الغزو، وكذا لو حدث العذر، وزال قبل أن ينصرف.