ومنها: المرض، فلا جهاد على من به مرض يمنعه من القتال والركوب على دابة، ولا على من لا يمكنه القتال إلا بمشقة شديدة، ولا اعتبار بالصداع ووجع الضرس والحمى الخفيفة ونحوها.
ومنها: العرج، فلا جهاد على من به عرج بين وإن قدر على الركوب ووجد دواب، وقيل: يلزمه الجهاد راكبا، والصحيح الأول، وسواء العرج في رجل أو رجليه، ولا اعتبار بعرج يسير لا يمنع المشي، ولا جهاد على أشل اليد، ولا من فقد معظم أصابعه بخلاف فاقد الأقل.
ومنها: العمى، فلا جهاد على أعمى، ويجب على الأعور والأعشى وعلى ضعيف البصر إن كان يدرك الشخص، ويمكنه أن يتقي السلاح.
ومنها: الفقر، فلا جهاد على من عجز عن سلاح وأسباب القتال، ويشترط أن يجد نفقة طريقه ذهابا ورجوعا، فإن لم يكن له أهل ولا عشيرة، ففي اشتراط نفقة الرجوع وجهان سبقا في الحج، فإن كان القتال على باب البلد، أو حواليه، سقط اشتراط نفقة الطريق، ويشترط وجدان راحلة إن كان سفره مسافة القصر، ويشترط كون جميع ذلك فاضلا عن نفقة من يلزمه نفقته، وسائر ما ذكرناه في الحج، وكل عذر يمنع وجوب الحج، يمنع وجوب الجهاد إلا أمن الطريق، فإنه شرط هناك ولا يشترط هنا، لأن مبنى الغزو على ركوب المخاوف، هذا إن كان الخوف من طلائع الكفار، وكذا لو كان من متلصصي المسلمين على الصحيح، ولو بذل للفاقد ما يحتاج إليه، لم يلزمه قبوله، إلا أن يبذله الامام، فيلزمه أن يقبل ويجاهد، لأن ما يعطيه الامام حقه، ولا يلزم الذمي الجهاد، والحاصل أن الجهاد لا يجب إلا على مسلم بالغ عاقل ذكر حر مستطيع، ولا جهاد على رقيق وإن أمره سيده، إذ ليس القتال من الاستخدام المستحق للسيد، ولا يلزمه الذب عن سيده عند خوفه على روحه إذا لم نوجب الدفع عن الغير، بل السيد في ذلك كالأجنبي، وللسيد استصحابه في سفر الجهاد وغيره ليخدمه ويسوس دوابه، والمدبر والمكاتب ومن بعضه حر لا جهاد عليهم