أحدها: ما يتعلق بحقوق الله تعالى، وهو نوعان، أحدهما: يؤمر به الجميع دون الافراد، كإقامة الجمعة حيث تجتمع شروطها، فإن كانوا عددا يرون انعقاد الجمعة بهم، والمحتسب لا يراه، فلا يأمرهم بما لا يجوزه، ولا ينهاهم عما يرونه فرضا عليهم، ويأمرهم بصلاة العيد، وهل هو واجب أم مستحب؟ وجهان.
قلت: الصحيح وجوب الامر، وإن قلنا: صلاة العيد سنة، لأن الامر بالمعروف هو الامر بالطاعة، لا سيما ما كان شعارا ظاهرا. والله أعلم.
النوع الثاني: يؤمر به الآحاد، مثل إن أخر بعض الناس الصلاة عن وقتها، فإن قال: نسيتها، حثه على المراقبة، ولا يعترض على من أخرها والوقت باق لاختلاف العلماء في فضل التأخير.
الضرب الثاني: ما يتعلق بحق آدمي، وينقسم إلى عام، كالبلد إذا تعطل شربه، أو انهدم سوره، أو طرقه أبناء السبيل المحتاجون وتركوا معونتهم، فإن كان في بيت المال مال، لم يؤمر الناس بذلك، وإن لم يكن، أمر أهل المكنة برعايتها.
وإلى خاص، كمطل المدين الموسر، فالمحتسب يأمره بالخروج عنه إذا استعداه صاحب الدين، وليس له الضرب والحبس.
الثالث: الحقوق المشتركة، كأمر الأولياء بإنكاح الأكفاء، وإلزام النساء أحكام العدد، وأخذ السادة بحقوق الأرقاء، وأصحاب البهائم بتعهدها، وأن لا يستعملوها فيما لا تطيق، وذكر في المنكرات أن من يغير هيئة عبادة، كجهره في صلاة سرية وعكسه، وزيادة في الاذان، يمنعه وينكر عليه، ومن تصدى للتدريس، أو الوعظ وليس هو من أهله، ولا يؤمن اغترار الناس به في تأويل أو تحريف، أنكر عليه المحتسب، وشهر أمره لئلا يغتر به، وإذا رأى رجلا واقفا مع امرأة في شارع يطرقه الناس، لم ينكر عليه، وإن كان في طريق خال، فهو موضع ريبة، فينكر ويقول: وإن كانت محرما لك، فصنها عن مواقف الريب، ولا ينكر في حقوق الآدميين، كتعديه في جدار جاره إلا باستعداء صاحب الحق، وينكر على من يطيل