الطرف الثاني في الحد الواجب في الشرب وهو أربعون جلدة على الحر، وعشرون على الرقيق، واختار ابن المنذر أنه ثمانون، وهل يجوز أن يضرب بالأيدي والنعال وأطراف الثياب والسوط، أم يتعين ما عدا السوط، أم يتعين السوط؟ فيه ثلاثة أوجه، الصحيح الأول، وهو جواز الجميع، ولو رأى الامام أن يبلغ به ثمانين أو ما بينها وبين الأربعين، جاز على الأصح، فعلى هذا هل الزيادة تعزير أم حد؟ وجهان، أصحهما عند الجمهور:
تعزير، لأنها لو كانت حدا لم يجز تركها، وتركها جائز، فعلى هذا هو تعزيرات على أنواع من هذيان يصدر منه ونحوه، والثاني: أن الزيادة حد، لأن التعزير لا يكون إلا على جناية مخففة، ثم كان ينبغي أن لا ينحصر في ثمانين وتجوز الزيادة عليها وهي غير جائزة بالاتفاق، وعلى هذا حد الشرب مخصوص بأن يتحتم بعضه، ويتعلق بعضه باجتهاد الامام.
فصل في كيفية الجلد في الزنى والقذف والشرب وهو بسوط معتدل الحجم بين القضيب والعصا، وبه تعتبر الخشبات، ولا يكون رطبا ولا شديد اليبوسة، خفيفا لا يؤلم، ويضرب ضربا بين ضربين، فلا يرفع الضارب يده فوق رأسه بحيث يبدو بياض إبطه، لأنه يشتد ألمه، ولا يضع السوط عليه وضعا، فإنه لا يؤلم، ولكن يرفع ذراعه ليكسب السوط ثقلا، فإن كان المجلود رقيق الجلد يدمى بالضرب الخفيف، لم يبال به ويفرق السياط على الأعضاء، ويتقي الوجه والمقاتل، كثغرة النحر والفرج ونحوهما، وهل يجتنب الرأس؟ وجهان، أصحهما عند الجمهور: لا، لأنه مستور بالشعر بخلاف الوجه، ولا تشد يده بل تترك يداه ليتقي بهما، ولا يلقى على وجهه، ولا يمد، ولا يجرد عن الثياب بل يترك عليه قميص أو قميصان، ولا يترك عليه ما يمنع الألم من جبة محشوة وفروة، ويجلد الرجل قائما، والمرأة جالسة وتلف، أو تربط عليها ثيابها، ويتولى لف ثيابها امرأة، وأما الضرب، فليس من شأن النساء، فيتولاه رجل، ويوالي بين الضربات، ولا يجوز أن يفرق، فيضرب في كل يوم سوطا أو سوطين، لأنه لا يحصل به إيلام وتنكيل وزجر، ولو جلد في الزنى في يوم خمسين متوالية، وفي يوم يليه خمسين كذلك، أجزأ، قال الامام في ضبط التفريق: إن كان بحيث لا يحصل من كل دفعة ألم له وقع، كسوط أو سوطين في كل يوم، لم يجز، وإن كان يؤلم ويؤثر بماله وقع، فإن