قتلهم مدبرين إما لعداوة وإما لاعتقاده، كالحنفي، إلا أن يحتاج إلى الاستعانة بهم، فيجوز بشرطين، أحدهما: أن تكونه فيهم جرأة وحسن إقدام، والثاني: أن يتمكن من منعهم لو ابتغوا أهل البغي بعد هزيمتهم، ولا بد من اجتماع الشرطين لجواز الاستعانة، كذا حكاه ابن الصباغ والروياني وغيرهما عن اتفاق الأصحاب ولفظ البغوي يقتضي جوازها بأحدهما. السادسة:
لو استعان البغاة علينا بأهل الحرب، وعقدوا لهم ذمة وأمانا ليقاتلوا معهم، لم ينفذ أمانهم علينا، فلنا أن نغنم أموالهم، ونسترقهم، ونقتلهم إذا وقعوا في الأسر، ونقتلهم مدبرين، ونذفف على جريحهم، وقال القاضي حسين:
لا يتبع مدبرهم، ولا يذفف على جريحهم، والصحيح الأول، وهل ينعقد الأمان في حق البغاة؟ وجهان، أصحهما: نعم، فإن قلنا: لا، فقال البغوي: لأهل البغي أن يكروا عليهم بالقتل والاسترقاق، والذي ذكره الامام على هذا، أنه أمان فاسد، وليس لأهل البغي اغتيالهم، بل يبلغونهم المأمن، فلو قالوا: ظننا أنه يجوز لنا أن نعين بعض المسلمين على بعض أو ظننا أنهم المحقون، أو ظننا أنهم استعانوا بنا في قتال الكفار، فوجهان، أحدهما: لا اعتبار بظنهم الفاسد، ولنا قتلهم واسترقاقهم، وأصحهما: أنا نبلغهم المأمن، ونقاتلهم مقاتلة البغاة، فلا يتعرض لهم مدبرين، وما أتلفه أهل الحرب على أهل العدل غير مضمون عليهم، وما يتلفون على أهل البغي مضمون إن نفذنا أمانهم لهم، وإلا فلا، ولو استعان البغاة بأهل الذمة في قتالنا، نظر، إن علموا أنه لا يجوز لهم قتالنا ولم يكرهوا، انتقض عهدهم، وحكمهم حكم أهل الحرب، فيقتلون مقبلين ومدبرين، ولو أتلفوا بعد القتال شيئا، لم يضمنوه، وقيل: في انتقاض عهدهم قولان، وإن قالوا: كنا مكرهين، لم ينتقض على المذهب، ويقاتلون مقاتلة البغاة، وإن قالوا:
ظننا أنه يجوز لنا إعانة بعض المسلمين على بعض، أو أنهم يستعينون بنا على