كفار، أو أنهم المحقون، لم ينتقض على المذهب، وقيل: قولان، وإن لم يذكروا عذرا، انتقض على المذهب، وقيل: قولان، ثم قيل: القولان إذا لم نشترط عليهم ترك القتال في عقد الذمة، فإن شرط، انتقض قطعا، وقيل: قولان مطلقا، وحيث قلنا: ينتقض، فهل يبلغون المأمن أم يجوز قتلهم واسترقاقهم؟ فيه خلاف مذكور في الجزية، فإن قلنا: يبلغون المأمن، فهل لنا قتلهم منهزمين؟
وجهان، وجه الجواز أنه من بقية العقوبة على القتال، ثم الذي ذكره البغوي وغيره، أنه كما ينتقض عهدهم في حق أهل العدل ينتقض في حق أهل البغي، وفي البيان أنه ينبغي أن يكون في انتقاضه في حق البغاة الخلاف في المسألة السابقة، وإن قلنا: لا ينتقض، فهم كالبغاة في أنه لا يتبع مدبرهم ولا يذفف على جريحهم، ولو أتلفوا شيئا على أهل العدل، لزمهم الضمان بخلاف البغاة، فإنهم لا يضمنون في قول، لأنا أسقطنا الضمان عنهم استمالة لقلوبهم إلى الطاعة لئلا ينفرهم الضمان، وأهل الذمة في قبضة الامام، ولو أتلفوا نفسا، قال الامام: إن أوجبنا القصاص على البغاة، فأهل الذمة وإلا فوجهان، أحدهما: يجب، كالضمان، والثاني: لا، للشبهة المقترنة بأحوالهم، وإذا قلنا: لا ينتقض الأمان فجاءنا ذمي تائبا، ففي ضمان ما أتلف طريقان، أحدهما: نعم، والثاني: على قولين، كالبغاة.
فرع قاتل أهل الذمة أهل البغي، لا ينتقض عهدهم على الصحيح، لأنهم حاربوا من يلزم الامام محاربتهم.
فرع استعان البغاة بمن لهم أمان إلى مدة، انتقض أمانهم، فإن قالوا:
كنا مكرهين، وأقاموا بينة على الاكراه فهم على العهد، وإلا انتقض أيضا.
فصل اقتتل طائفتان باغيتان، فإن قدر الامام على قهرهما، وهزمهما، لم يعن إحداهما على الأخرى إلا إذا أطاعت، فيعينها على الأخرى، وإن لم يقدر على قهرهما، ضم إلى نفسه أقربهما إلى الحق، واستعان بهم على الأخرى، وإن استويا اجتهد فيهما، ولا يقصد بضم المضمومة إليه معاونتها، بل يقصد دفع الأخرى، فإن اندفع شر الأخرى، لم يقاتل المضمومة إلا بعد أن يدعوها إلى الطاعة، لأنها بالاستعانة صارت في أمانه، ولو أمن عادل باغيا، نفذ أمانة وإن كان عبدا أو امرأة.