على المودع، صدق، لأنه أمينه. كذا ذكره الغزالي والمتولي، وهذا ذهاب إلى أن للمودع إذا عاد من السفر أن يستردها، وبه صرح العبادي وغيره. وحكي عن الامام أن اللائق بمذهب الشافعي رحمه الله، منعه من الاسترداد، بخلاف المودع يسترد من الغاصب على وجه، لأنه من الحفظ المأمور به. ولو كان المالك عين أمينا فقال:
إذا سافرت فاجعلها عند فلان، ففعل، فالحكم بالعكس، إن ادعى الرد على المالك، صدق. وإن ادعاه على المودع الأول، لم يصدق.
(الصورة) الخامسة: قال المودع للمالك: أودعتها عند وكيلك فلان بأمرك، فللمالك أحوال.
أحدها: ينكر الاذن، فيصدق بيمينه. فإذا حلف، نظر إن كان فلان مقرا بالقبض والوديعة باقية، ردها على المالك. فإن غاب المدفوع إليه، فللمالك تغريم المودع. فإذا قدم، أخذها وردها على المالك واسترد البدل. وإن كانت تالفة، فللمالك تغريم أيهم شاء، وليس لمن غرم الرجوع على صاحبه لزعمه أن المالك ظالم بما أخذ. وإن كان فلان منكرا، صدق بيمينه، واختص الغرم بالمودع.
(الحالة) الثانية: يعترف بالاذن وينكر الدفع، فوجهان. أحدهما: يصدق المودع وتجعل دعوى الرد على وكيل المالك كدعواه على المالك. وأصحهما: تصديق المالك، لأنه يدعي الرد على من لم يأتمنه. ولو وافق فلان المودع وقال: تلفت في يدي، لم يقبل قوله على المالك، بل يحلف المالك ويغرم المودع.
(الحالة) الثالثة: يعترف بالاذن والدفع معا، لكنه يقول: لم تشهد، والمدفوع إليه منكر، فيبنى على وجوب الاشهاد على الايداع. فإن لم نوجبه، فليس له تغريمه.
وإن أوجبناه، فعلى الخلاف السابق في الوكالة في نظير هذه الصورة. ولو اتفقوا جميعا على الدفع إلى الأمين، وادعى الأمين ردها على المالك، أو تلفها في يده، صدق بيمينه. هذا إذا عين المالك الأمين، أما لو قال: أودعها أمينا، ولم يعينه،