فصل في أحكام الوديعة هي ثلاثة.
أحدها: الجواز من الجانبين، وتنفسخ بموت أحدهما أو جنونه أو إغمائه.
ولو عزم المودع نفسه، فانعزاله وجهان، بناء على أن الوديعة إذن، أم عقد؟ إن قلنا: إذن، فالعزل لغو، كما لو أذن للضيفان في أكل طعامه، فقال بعضهم: عزلت نفسي، يلغو قوله، وله الاكل بالإذن السابق. فعلى هذا، تبقى الوديعة بحالها.
وإن قلنا: عقد، انفسخت وبقي المال في يده أمانة شرعية، كالريح تطير الثوب إلى داره، فعليه الرد عند التمكن وإن لم يطلب على الأصح. فإن لم يفعل، ضمن.
(الحكم) الثاني: أنها أمانة، فلا يضمن إلا عند التقصير، وأسباب التقصير تسعة.
أحدها: أن يودعها المودع عند غيره بلا عذر من غير إذن المالك، فيضمن، سواء أودع عند عبده وزوجته وابنه، أو أجنبي. والكلام في تضمين المالك المودع الثاني قد سبق في بابي الرهن والغصب. وإن أودعها عند القاضي، فوجهان -