ازدحام حق الله تعالى وحق الآدمي. إن قدمنا حق الله تعالى، لزمه الارسال وغرم لها نصف القيمة، وإن قدمنا حق الآدمي، لم يجب الارسال. فإن تلف في يده أو يدها، فعليه نصف الجزاء. وإن سوينا، فالخيرة إليهما. فإن اختار الارسال، غرم لها النصف، وإلا بقي مشتركا بينهما وهو ضامن لنصف الجزاء، وهذا التخريج ضعيف، لأن الخلاف في الازدحام على شئ واحد، كالتركة إذا ازدحم فيها دين وزكاة، ونصيب المرأة لا ازدحام فيه. وإذا تضمن إرسال المحرم فوات ملك غيره، وجب أن يمنع، وبهذا قطع الشيخ أبو علي، وعلى التخريج ينبغي أن يخص وجوب الارسال بالموسر كسراية العتق.
الطرف الرابع: فيما إذا وهبته الصداق ثم طلقها قبل الدخول، ونصدره بقاعدتين مستمدتين من قول الله تعالى: * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة، فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) *. ومعنى الآية، أن الطلاق قبل الدخول ينصف الصداق، إلا أن تعفو الزوجة وتتبرع بحقها، فيعود جميع الصداق إلى الزوج. وفيمن بيده عقدة النكاح، قولان. القديم: أنه الولي، والمعنى: إلا أن تعفو المرأة أو وليها إن لم تكن هي أهلا للعفو. والجديد: أنه الزوج، والمعنى: أن يعفو الزوج عن حقه فيخلص لها جميع الصداق.
القاعدة الأولى: في ألفاظ التبرع. فالواجب عند الطلاق قبل الدخول، دين أو عين، والدين قد يكون في ذمته، وقد يكون في ذمتها بأن قبضته وتلف عندها، فينظر، إن تبرع مستحق الدين بإسقاطه، نفذ بلفظ العفو والابراء والاسقاط والترك.
وحكى الحناطي وجهين في أن لفظ الترك، صريح أو كناية؟ ولا حاجة في هذه الألفاظ إلى قبول من عليه على الصحيح، وينفذ أيضا بلفظ الهبة والتمليك، وفيهما وجه حكاه ابن كج. والصحيح الأول. وهل يفتقر اللفظان إلى القبول؟ وجهان.
أصحهما: لا، وبه قطع البغوي اعتمادا على حقيقة التصرف وهو الاسقاط. أما إذا