ليحرزه في منزله، فأصابه شئ من غير فعله فانكسر، لم يضمن، ولو أصابه بفعله مخطئا أو عامدا قبل أن يصل إلى البيت أو بعدما وصله، فهو ضامن. والخطأ والنسيان يجريان مجرى واحدا، ولأنهم قالوا: لو انتفع بوديعة ثم ادعى غلطا وقال:
ظننته ملكي، لا يصدق مع أنه احتمال قريب، فدل على أن الغلط لا يدفع الضمان.
(الصورة) الثالثة: إذا أخذ الظالم الوديعة قهرا، فلا ضمان على المودع، كما لو سرقت منه. وإن أكرهه حتى يسلمها بنفسه، فللمالك مطالبة الظالم بالضمان، ولا رجوع له إذا غرم، وله أيضا مطالبة المودع على الأصح، ثم يرجع على الظالم، وهما كالوجهين في أن المكره على إتلاف مال الغير، هل يطالب؟ ومهما طالبه الظالم بالوديعة، لزمه دفعه بالانكار والاخفاء والامتناع ما قدر. فإن ترك الدفع مع القدرة، ضمن. وإن أنكر فحلفه، جاز له أن يحلف لمصلحة حفظ الوديعة، ثم تلزمه الكفارة على المذهب. وإن أكرهه على الحلف بطلاق أو عتاق، فحاصله التخيير بين الحلف وبين الاعتراف والتسليم. فإن اعترف وسلم، ضمن على المذهب، لأنه فدى زوجته بالوديعة. وإن حلف بالطلاق، طلقت زوجته على المذهب، لأنه فدى الوديعة بزوجته.
السبب التاسع: الجحود. فإذا قال المودع: لا وديع لاحد عندي، إما ابتداء، وإما جوابا لسؤال غير المالك، فلا ضمان، سواء جرى ذلك بحضرة المالك أو في غيبته، لأن إخفاءها أبلغ في حفظها. وإن طلبها المال ك فجحدها، فهو خائن ضامن. وإن لم يطلبها، بل قال: لي عندك وديعة، فسكت، ليضمن. وإن أنكر، لم يضمن أيضا على الأصح، لأنه قد يكون في الاخفاء غرض صحيح