نتركهم على النزاع، بل نحكم أو نردهم إلى حاكم ملتهم، ورجحه الشيخ أبو حامد وابن الصباغ. وقيل: يجب الحكم بينهم في حقوق الله تعالى، والقولان في غيرها لئلا تضيع، وقيل: عكسه، والأصح طردهما في الجميع. وإن كانا مختلفي الملة، كيهودي ونصراني، وجب الحكم على المذهب، لأن كلا لا يرضى بملة صاحبه. وقيل بالقولين.
ولو ترافع معاهدان، لم يجب الحكم قطعا، وإن اختلف ملتهما، لأنهم لم يلتزموا حكمنا، ولم نلتزم دفع بعضهم عن بعض. وقيل: هما كالذميين. وقيل:
إن اختلف ملتهما، وجب، والمذهب الأول.
ولو ترافع ذمي ومعاهد، فكالذميين. وقيل: يجب قطعا. وإن ترافع مسلم وذمي أو معاهد، وجب قطعا.
فرع قال الأصحاب على اختلاف طبقاتهم: إن قلنا: وجب الحكم بين الكافرين، فاستعدى خصم على خصم، وجب إعداؤه وإحضار خصمه ليحكم بينهما، ولزم المستعدى عليه الحضور. وإن قلنا: لا يجب الحكم، لم يجب الأعداء، ولا يلزمه الحضور، ولا يحضر قهرا. قال البغوي وغيره: ولو أقر ذمي بالزنا، أو سرقة مال مسلم أو ذمي، حد قهرا إن أوجبنا الحكم بينهم، وإلا، فلا يحد إلا برضاه، فاعتبر الأصحاب الرضى على قول عدم الوجوب، ولم يعتبروه على قول الوجوب. وأما قول الغزالي: لا يجب الحكم إلا إذا رضيا جميعا، فمردود مخالف لما عليه الأصحاب.
فرع سواء أوجبنا الحكم بينهم، أم لا، إنما نحكم بحكم الاسلام.
وإذا تحاكموا في أنكحتهم، فنقر ما نقره لو أسلموا، ونبطل ما لا نقره لو أسلموا.