فصل في مسائل من الدور الحكمي عادة الأصحاب ذكر هذه المسائل هنا. والمسائل التي يقع فيها الدور نوعان.
أحدهما: ينشأ الدور فيه من محض حكم الشرع، كما ذكرنا فيما إذا اشترت زوجها قبل الدخول بالصداق الذي ضمنه السيد، فإنه لو صح البيع ثبت الملك.
وإذا ثبت الملك، انفسخ النكاح، وإذا انفسخ، سقط المهر المجعول ثمنا، وإذا سقط، فسد البيع، فهذه الأحكام المرتبة ولدت الدور.
والثاني: ينشأ الدور فيه من لفظة يذكرها الشخص، كما في مسألة دور الطلاق، وعندها نذكر إن شاء الله تعالى أكثر مسائل الدور اللفظي. والذي نذكره هنا، خمس مسائل من الدور الحكمي.
إحداها: أعتق أمته في مرض موته ونكحها على مهر سماه، نظر، إن لم يخرج من الثلث، فحكمه ما ذكرناه في المسائل الدورية في كتاب الوصايا وإن خرجت، نظر إن كانت قدر الثلث بلا مزيد، بأن كانت قيمتها مائة (و) له مائتان سواها، فالنكاح صحيح. ثم إن لم يجر دخول، فلا مهر لها لأنه لو ثبت المهر لكان دينا على الميت، وحينئذ لا تخرج من الثلث، ويرقه بعضها، وحينئذ يبطل النكاح والمهر، فإثباته يؤدي إلى إسقاط، فيسقط. وإن جرى دخول، فقد ذكرنا حكمه في كتاب الوصايا وسواء دخل أم لا، فلا ترث بالزوجية، لأن عتقها وصية، والوصية والإرث لا يجتمعان. فلو أثبتنا الإرث، لزم إبطال الوصية وهي العتق، وإذا بطل بطلت الزوجية وبطل الإرث. وإن كانت الأمة دون الثلث، فقد تمكنها المطالبة بالمهر لخروجها من الثلث بعد الدين، وهذا كله تفريع على أنه يجوز للمعتق في مرض الموت نكاحها، وهو الصحيح. وحكى الحناطي والشيخ أبو علي وجها أنه لا يجوز وهو كما حكيناه من قبل عن ابن الحداد، أن المعتقة في مرض الموت نكاحها لا يجوز لقرينها لاحتمال أن لا يخرج من الثلث عند الموت.