فرع يجوز أن يوصي إلى اثنين فصاعدا، وأن يوصي إلى واحد وينصب عليه مشرفا، ولا يتصرف الوصي إلا بإذنه. ثم إذا أوصى إلى اثنين، إن كانت في رد الودائع أو الغصوب والعواري وتنفيذ الوصية المعينة وقضاء الدين الذي في التركة من جنسه، فلكل منهما الانفراد به، لأن صاحب الحق مستقل في هذه الصور بالأخذ. هكذا نقل البغوي وغيره، وهذا أحد المواضع التي صرحوا فيها بجريان الوصاية في رد الغصوب والعواري، خلاف ما قالته تلك الطائفة. ثم وقوع المدفوع موقعه، وعدم الرد والنقص عند انفراد أحدهما، بين، لكن تجويز الانفراد ليس ببين، فإن تصرفهما في هذه الأموال مستفاد بالوصاية، فليكن بحسبها، ولتجئ فيه الأحوال التي سنذكرها إن شاء الله تعالى في سائر التصرفات، وستجد في كلام الأصحاب ما هو كالصريح فيما ذكرته.
وإن كانت الوصاية في تفرقة الثلث وأمور الأطفال والتصرف في أموالهم، فلها أحوال.
أحدها: أن يثبت الاستقلال لكل واحد فيقول: أوصيت إليكما، أو إلى كل منكما، أو يقول: كل واحد واحد منكما وصيي في كذا، قال أبو الفرج الزاز: أو يقول: أنتما وصياي في كذا، فلكل منهما الانفراد بالتصرف. وإذا مات أحدهما أو جن أو فسق، أو لم يقبل الوصاية، كان للآخر الانفراد. وإن ضعف نظر أحدهما، فللآخر الانفراد، وللحاكم أن يضم إلى ضعيف النظر من يعينه.
الثاني: أن يشترط اجتماعهما على التصرف، فليس لواحد منهما الانفراد.
فإن انفرد، لم ينفذ البيع والشراء والاعتاق، ويضمن ما أنفق. فإن مات أحدهما، أو جن، أو فسق، أو غاب، أو لم يقبل الوصية، نصب الحاكم بدلا عنه ليتصرف مع الآخر. وهل له إثبات الاستبداد للآخر؟ وجهان. أصحهما: له. ولو ماتا جميعا، فهل للحاكم نصب واحد؟ أم لا بد من اثنين؟ فيه الوجهان. قال إمام الحرمين: وليس المراد من اجتماعهما على التصرف تلفظهما بصيغ العقود معا، بل المراد صدوره عن رأيهما، ثم لا فرق بين أن يباشر أحدهما أو غيرهما بإذنهما.
الثالث: أن يطلق قوله: أوصيت إليكما، فهو كالتقييد بالاجتماع، لأنه المتيقن.