زنت فمنعها بعض حقها فافتدت بمال، صح الخلع، وحل له أخذه. وعلى هذا حمل قول الله تعالى: * (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * ومن جعل منع الحق كالاكراه بالضرب قال: لا يحل الاخذ.
ولو أمسكها عنده وحبسها ليرثها فماتت، ورثها على المشهور. وحكى ابن كج والحناطي قولا أنه لا يرثها.
فصل يشتمل هذا الكتاب على خمسة أبواب.
الأول: في حقيقة الخلع، فإن فارقها على عوض بلفظ الطلاق، فهو طلاق سواء فيه صريح الطلاق وكناياته. وإن لم يجز إلا لفظ الخلع، فقولان. الجديد، أنه طلاق ينقص به العدد، وإذا خالعها ثلاث مرات، لم ينكحها إلا بمحلل، والقديم: أنه فسخ لا ينقص به العدد. ويجوز تجديد نكاحها بعد الخلع بلا حصر، والجديد هو الأظهر عند جمهور الأصحاب. ورجح الشيخ أبو حامد، وأبو مخلد البصري القديم، فإن قلنا: فسخ، فلفظ الخلع صريح فيه، ولو قال: فسخت نكاحك بألف فقبلت، أو قال: فاديتك بألف فقالت: قبلت أو افتديت، فوجهان.
أصحهما: أنه صريح. والثاني: كناية. فعلى هذا، في انعقاد الخلع بهما خلاف نذكره في أنه هل ينعقد بالكناية إذا جعلناه فسخا، ولو نوى بالخلع الطلاق والتفريع على أنه فسخ، فهل يكون طلاقا أم فسخا لكونه صريحا؟ فيه وجهان، اختيار القاضي حسين الفسخ، وبه قطع المتولي والغزالي. ولو قال لزوجته: فسخت نكاحك ونوى الطلاق وهو متمكن من الفسخ بعيبها، فالصحيح أنه طلاق وبه قطع القاضي حسين. وقيل: فسخ. أما إذا قلنا: الخلع طلاق، فلفظ الفسخ كناية فيه، ولفظ الخلع فيه قولان. قال في الأم: كناية وفي الاملاء: صريح.
قال الروياني وغيره: الأول أظهر، واختار الامام والغزالي والبغوي الثاني، ولفظ المفاداة كلفظ الخلع على الأصح. وقيل: كناية قطعا. وإذا قلنا: لفظ الخلع صريح، فذاك إذا ذكر المال، فإن لم يذكره، فكناية على الأصح. وقيل: على القولين.