الأول، فعن الخضري ما يقتضي الفرق بين العلم وعدمه، واحتج بأن الشافعي رضي الله عنه قالوا وطئ أمة غيره يظن أنها زوجته الحرة، فالولد حر، ولو ظنها زوجته الرقيقة، فالولد رقيق. والصحيح: أنه لا فرق في ثبوت أمية الولد في أمية بين علمه وعدمه، حتى لو وطئ أمته يظنها أمة غيره، أو حرة فأحبلها، ثبتت أمية الولد. فإذا قوله: ولم يعلم ليس بقيد، بل خرج على الغالب، فإن الغالب أن الوصية لا تبقى مدة طويلة، لا مقبولة، ولا مردودة، إلا إذا لم يعلم الموصى له، لغيبته أو نحوها.
وأما الثاني: فقيل: هو تخليط من المزني. فقوله: عتقوا، تفريع على حصول الملك بالموت. وقوله: ولا تصير أم ولد، تفريع على حصوله بالقبول.
وقال الأكثرون: بل هو تفريع على قول الوقف. وأراد بالقبول، في قوله:
بعد قبوله الموت، فسماه قبولا، لأنه وقت القبول. وقال بعضهم: لفظ الشافعي الموت لكن المزني سها فيه.
ولو كانت الجارية الموصى بها زوجة الموصى له، ومات الموصى له قبل القبول والرد، فقد سبق أن ورثته يقومون مقامه في الرد والقبول، فإن قبلوا، فعلى الخلاف في أن الملك متى يحصل؟ إن قلنا: بالموت، أو موقوف، فقبولهم كقبول الموصى له في عتق الأولاد بالملك، وفي انعقادهم على الحرية ومصير الجارية أم ولد وفي بقائهم مماليك لورثة الموصي، على اختلاف الأحوال السابقة بلا فرق، إلا أنهم إذا عتقوا بقبول الموصى له، ورثوه. وإذا عتقوا بقبول الورثة، لم يرثوا كما سبق. وإن قلنا: يملك بالقبول. فإن كان بين الوارث والأولاد قرابة تقتضي العتق، بأن كان وارث الموصى له أباه، عتقوا عليه، وإلا، ففيه الوجهان السابقان، وإذا لم يحصل العتق، فهل تقضى ديون الموصى له منها؟ أم تسلم للورثة؟ فيه الوجهان السابقان أيضا، وبالله التوفيق.
الباب الثاني في أحكام الوصية الصحيحة إذا جمعت الوصية شروط صحتها، صحت، ثم ينظر في أحكامها، وهي ثلاثة أقسام: لفظية، ومعنوية، وحسابية.