تسأل الفراق، ولم تلتزم المال في مقابلته، وإن لم يجر ذكر المال في الطرفين وقع طلاق رجعي، وإن ذكر هو المال دونها، فلا طلاق، لأنها لم تسأل فرقة، وهو إنشاء فرقة على مال، ولم يتصل به قبول. وإن ذكرت هي المال، فقالت: أبني على ألف، فقال: ابنتك، فلا طلاق على الأصح، كما لو ذكر المال. وقيل: يقع رجعيا كما لو قال: قصدت الابتداء دون الجواب، فإنه يقع رجعيا قطعا.
أما إذا كان لفظ أحدهما صريحا والآخر كناية، فالكناية مع النية كالصريح، ودون النية لغو. وعن ابن خيران، أنها لو قالت: طلقني فقال: أبنتك ونوى، لم يقع، لأن الصريح أقوى، فالمأتي به غير المسؤول، والصحيح الأول.
الطرف الثاني: في سؤالها عددا، فيه مسائل.
إحداها: قالت: طلقني ثلاثا بألف، أو على ألف، أو ولك علي ألف، أو إن طلقتني ثلاثا، فلك علي ألف، فطلقها واحدة، ففيه أربعة أوجه. الصحيح أنه يقع طلقة بثلث الألف، والثاني: لا يقع طلاق. والثالث: يقع طلقة بمهر المثل، والرابع: طلقة بثلث مهر المثل. حكى الحناطي الأخيرين. فعلى الصحيح لو طلقها طلقتين، استحق ثلثي الألف. وإن طلق طلقة ونصفا، فهل يستحق ثلثي الألف، أم نصفه؟ وجهان. قلت: الثاني أرجح. والله أعلم.
ولو قالت: طلقني ثلاثا بألف وهو لا يملك إلا طلقة، فطلقها تلك الطلقة، فقد نص الشافعي رحمه الله أنه يستحق جميع الألف، لأنه حصل بتلك الطلقة مقصود الثلاث وهو البينونة الكبرى.
وللأصحاب أوجه. أصحها عند القفال والشيخ أبي علي وكبار الأصحاب وأكثرهم: وجوب جميع الألف، كما نص عليه، سواء علمت أنه لم يبق إلا طلقة أم ظنت بقاء الثلاث، والثاني: لا يستحق إلا ثلث الألف في الحالين وهو قول المزني وابن خيران، والثالث: إن علمت استحق الألف، وإلا فثلثه، قاله ابن سريج وأبو إسحاق. والرابع: يستحق مهر المثل، قاله صاحب التلخيص. والخامس: لا يستحق شيئا، لأنه لم يطلق كما سألت، حكاهما الحناطي.