فرع إذا صارت الوديعة مضمونة على المودع بانتفاع أو إخراج من الحرز أو غيرهما من وجوه التقصير، ثم ترك الخيانة ورد الوديعة إلى مكانها، لم يبرأ ولم تعد أمانته. فلو ردها إلى المالك ثم أودعه ثانيا، فلا شك في عود أمانته. فلو لم يردها، بل أحدث له المالك استئمانا فقال: أذنت لك في حفظها، أو أودعتكها، أو استأمنتك، أو أبرأتك من الضمان، فوجهان. ويجوز أن يقال: قولان. أصحهما:
يصير أمينا ويبرأ. ولو قال في الابتداء: أودعتك، فإن خنت ثم تركت الخيانة، عدت أمينا لي، فخان ثم ترك الخيانة، قال المتولي: لا يعود أمينا بلا خلاف، لأنه إسقاط ما لم يجب، وتعليق للوديعة.
فرع قال: خذ هذه وديعة يوما، وغير وديعة يوما، فهو وديعة أبدا. ولو قال: وديعة يوما، وعارية يوما، فهو وديعة في اليوم الأول، وعارية في اليوم الثاني، ثم لا تعود وديعة أبدا، حكاه الروياني في كتابه البحر عن اتفاق الأصحاب.
فصل إذا خلط الوديعة بمال نفسه، وفقد التمييز، ضمن، وإن خلطها بمال آخر للمالك، ضمن أيضا على الأصح، لأنه خيانة. ولو أودعه دراهم فأنفق منها درهما، ثم رد مثله إلى موضعه، لا يبرأ من ضمانه، ولا يملكه المالك إلا بالدفع إليه، ثم إن كان المردود غير متميز عن الباقي، صار الجميع مضمونا، لخلطه الوديعة بمال نفسه. فإن تميز، فالباقي غير مضمون، وإن لم ينفق الدرهم المأخوذ، ورده بعينه، لم يبرأ من ضمان ذلك الدرهم، ولا يصير الباقي مضمونا عليه إن تميز ذلك الدرهم عن غيره، وإلا، فوجهان. ويقال: قولان. أحدهما:
يصير الباقي مضمونا لخلطه المضمون بغيره. وأصحهما: لا، لأن هذا الخلط كان حاصلا قبل الاخذ. فعلى هذا، لو كانت الجملة عشرة فتلفت، لم يلزمه إلا درهم، ولو تلفت خمسة، لزمه نصف درهم. هذا كله إذا لم يكن على الدراهم